عصيدة الفأس

فلكلور 2021/10/06
...

 ترجمة: راسم الاعسم
 
 ذات يوم، كان الجندي العجوز عائداً إلى أهله ليمضي إجازته هناك وعندما كان سائراً في الطريق شعر أنَّه جائع ومرهق، فمضى إلى قرية تقع في طريقه وطرق باب أول كوخ صادفه، وشرع ينادي: 
« هل تدعون المسافر يمضي هذه الليلة هنا؟» 
وما هي سوى لحظات، حتى
 فتحت الباب امرأة عجوز وقالت له: 
- هيا، أدخل أيها الجندي.
قال لها:
 - هل لديك قليل من الطعام
 لرجل جائع، أيتها المرأة الطيبة؟
كان لدى العجوز الكثير من كل شيء، لكنها كانت بخيلة فتظاهرت بأنها فقيرة لاتمتلك شيئاً. 
- آه.. أنا، ليس لدي ما آكله اليوم يا عزيزي، بل ليس هناك أيُّ شيءٍ في البيت وراحت تشكو. 
رد الجندي قائلاً:
- حسناً، لا بأس إذا لم يكن لديك شيء، ولكن سرعان ما وقع بصره على فأس خشبي بلا مقبض ملقىً هناك أسفل المنضدة، فقال:
 - لا يهم، أنَّ بوسعنا أنْ نصنع
 من هذه الفأس عصيدة.
 رفعت العجوز يديها باندهاش.
 - عصيدة من الفأس؟ من يا ترى سمع بذلك؟
فقال الجندي:
- سأريك كيف تُصنع. فقط أجلبي لي قِدراً. 
أحضرت العجوز قِدراً غسل الجندي الفأس جيداً ثم وضعه في القِدر بعد أنْ ملأه بالماء ثم وضعه على النار. كانت العجوز تحدق بالجندي ولم ترفع 
بصرها عنه. أخرج ملعقة وأخذ يحرك الماء داخل القِدر وما يلبث أنْ يتذوقه من حينٍ لآخر ثم قال: 
- سيغدو جاهزاً بعد قليل.. آه، يا للشفقة أنَّ قليلاً من الملح ينقصه.
قالت العجوز:
- آه.. إنَّ لدي ملحاً، ها هو ذا تفضل.
ناولته قليلاً منه فوضعه في القِدر، وأخذ يتذوق الماء ثانية ثم قال:
- لو كان بوسعنا أنْ نضيف 
إليه حفنة من الجريش الخشن.
هرعت العجوز صوب المطبخ وجلبت صرة
 صغيرة منه وناولته إياها
- خذ ما تحتاجه
استمر الجندي بالطبخ مازجاً الطبخة ومتذوقاَ إياها من وقت لآخر، بينما كانت العجوز تراقبه باندهاش ولم ترفع بصرها عنه. فصرخ الجندي وهو يتذوق المزيج. 
- آه.. يا للعصيدة من مذاق طيب! أنَّ قليلاً من الزبد يجعلها أكثر شهيَّة.
أحضرت العجوز بعضاً
 من الزبد. فقال الجندي: 
- والآن أيتها العجوز الطيبة، هيا احضري لنا الملاعق ودعينا نأكل. 
طفقا يأكلان العصيدة بتلذذ وهما يمتدحونها كثيراً كانت العجوز مندهشة وهي تمتم مع نفسها:
«أنني لم أر أبداً مذاقاً مثل
 عصيدة الفأس هذه»
كان الجندي يأكل وهو يضحك في سره.
 
المصدر: A Mountain of Gems Moscow 1983
* حكاية من روسيا