إبراهيم الشيخ حسون الهنداوي.. ولد في العام 1904 في كنف أسر دينيَّة عريقة تسكن قضاء الهندية – طويريج. نشأ وتربى في تلك البيئة الغنية بالطاقات الثقافية والأدبيَّة والفنية وقد تولع منذ نعومة أظفاره بالأدب والشعر حتى كتب الفصيح والشعبي معاً، وأصبح في ما بعد أحد كبار شعراء الأدب الشعبي في العراق، كتب القصائد الشعبيَّة وتناول فيها مختلف الأغراض حتى أبدع وأصبح معروفاً بين جيل كبير من الشعراء المعروفين في تلك الحقبة لكونه رساماً ماهراً، وقصائده لوحات فنيَّة جميلة تجذب المستمع إليها بخطوطها وألوان كلماتها تدخل القلوب من دون جواز سفر.
قدم في بداية مسيرته الشعرية نصاً غنائياً يعد باكورة أعماله التي عرف من خلالها. وهو "الهدل". فهي ترنيمة غجرية سادت في ساحة الغناء الريفي عام 1966، وعرفت بغناء (الهدل) ولكثرة ما كتب عن الهدل أو تلك الفتاة الغجرية (الدالعة) من ردود وقصائد نفد صبر أحد الشعراء وقال:
(احتارت الوادم يبو زيج الهدل
لا لكوله زرار لاخلوه حلل)
إلا أنَّّ أكثر من أجاد وصف (الهدل) وتعني الصدر الذي تضيق به والرد على بيت الشاعر آنف الذكر، هو الشاعر الكبير إبراهيم الشيخ حسون الهنداوي وكانت قصيدته بداية الشهرة والانطلاقة للمطرب ياس خضر، إذ غنى بعضاً من أبياتها عام 1969.
ننشرها كما هي في زاوية (من قصائد البارحة) لكن قلم ومقص المحرر الرقيب مرَّ على بعض المفردات والأبيات لضرورات يعرفها الجميع:
امنين اجيب ازرار للزيجه هدل
اشلون يتزرّر الشايله جبل
لاتلح اعليه خل صدره كشف
ضاك بيه الثوب وازراره كلف
انت تدري ابمحزمه اشسوّه الردف
خصّره امن الجور تخصير النحل
من شفت شعره اعله ضي وجهه استدار
كلت سبحان الجمع ليل اونهار
موجه نور اخدوده تنطي اوموجه نار
شفت نوره اوكلبي ابنار اشتعل
*
اشلون اشبه عدل طوله بالغصن
والغصن لوشاف طوله اعليه يجن
والله مجنون اليشوفه اوما يجن
لون عنده عقل جاشت وانذهل
*
انه متعجب يشبهون الورد
ابحمرة اخدوده ولاواحد يرد
وجنته ابكلبي اومهجتي والجبد
ابكثر الوان الورد خلت علل
*
ومن ثم قدم المطرب ياس خضر له العمل الثاني هي أغنية (ابو زرگه) ومن الجدير بالذكر أنَّ الأغنيتين من ألحان الراحل محمد جواد أموري يقول مطلعها:
ابو زرگه طلع من بين البيوت
يحاچيني ويبوگ العگل بسكوت
جيبولي حبيبي گبل ما أموت
يحاچيني ويرد روحي اليه
اريده اوف ترضون ما ترضون اريده.. الى
آخر الأغنية.
بعدها استطاع الشاعر الهنداوي أنْ يشكل حالة نوعية في عالم المراثي الحسينية بما يملكه من حس مرهف حتى استحالت قصائده تزفرها الحسرات والتنهيدات، إذ قدم أروع القصائد بتجسيد الثورة الحسينيَّة لكبار الرواديد في مقدمتهم جاسم النويني وحمزة الزغير وحسين وادي وعلي يوسف وغيرهم.نستذكر منها قصيدته الشهيرة بصوت جاسم الطويرجاوي التي يقول مطلعها:
الدين والإيمان والعز والعلا
نزلت ويه حسين وادي كربلا
*
وياه نزلت منه حمايه تريد
الظلم حاربه وعليها الحك بعيد
غيره ماشافت بعد عزهه يعيد
وبالشهادة حسين عزهه
اتكفله.. الى آخر القصيدة
كذلك اشتهر بقصيدة (الخيل غارت) نقتطف منها:
الخيل غارت والخيم مكصودها
اليوم الاخوه اليوم دون احدودها
وأخيرا في العام 1982 رحل رحلته الأبدية. لروحه الرحمة والخلود.