حبوب الأنوثة

ثقافة 2021/10/19
...

ابتهال بليبل
 
منتج ثوري يدخل في صلب حياة المرأة ويتدخل في أدقّ خصوصياتها وتفاصيلها الأنثوية (حبوب الأنوثة) الذي يقول من يروّج له أن مفعوله يكاد يكون سحريّا ويمكن للمرأة التي تجاوزت سن الثامنة عشرة متزوجة أو غير متزوجة أن تتناوله بمنتهى الأمان. 
هذا المنتج مكونه الأساس هو خلاصة فول الصويا الغني بهرمون الاستروجين المعروف بأنه هرمون الأنوثة.. ومع  ظهور هذا المنتج المبهر لا بد أن نقف طويلا أمام دقائقه بدء من اسمه الذي  يلعب على أوتار حساسة جدا –هذا ما أشعر به بعد ترجمته إلى اللغة العربية- إذ  يشتغل جمع (حبّة) (حبوب) على ايحاء التكثير والغزارة مع مفردة أنوثة الناعمة التي يجرّها حرف الواو والثاء إلى أناقة مفرطة وهدوء وغموض محبّب لذا تبدو الجملة الخبرية: (حبوب الأنوثة) واضحة وغامضة في آن واحد تجذب المتصفّح والقارئ فيبحث عنها وعن محتوياتها وسرّها، ولكن له أن يتساءل هل الأنوثة لصيقة بالجسد فقط من دون أن تشتغل المرأة على ذاتها لتصقل وتبرز حضورها الأنثوي.؟
وله أن يتساءل أيضا عن سلسلة طويلة من المنتجات التي ظهرت وستظهر وكلها تدعي أن بها إكسير الشباب الدائم الذي يبعد عن المرأة شبح التجاعيد والشيخوخة ومن ثمّ يجعلها تعيش حياة سعيدة منتجة، إذ إن التصالح مع الذات من أهم عوامل تمكين المرأة ودفعها إلى أن تكون فاعلة في أي مكان تشغله.
والأهمّ من هذا كله فإن موضوعة (حبوب الأنوثة) تأخذنا إلى الجنس الذي هو بالأساس أداء يتم تعزيزه من خلال الملابس وتسريحة الشعر أو السلوكيات المتمثلة بنبرة الصوت وحركات الجسد وتعبيرات الوجه. 
ولكن هنا، يصعب تحديد فكرة تمكين المرأة بسبب تناقضات الغاية من وجود هذه الحبوب وكذلك نطاق وحجم القضايا التي تحاول معالجتها خاصة بعدما أصبح التوجه الجمالي السائد اليوم أكثر تأثراً بالغرائز الجنسية.. فكان هناك تركيز كبير على نمو الأنوثة، والاعتراف بأن أجساد النساء متعددة الأوجه ومعقدة.
ولكي أكون واضحة، فإن هذه الحبوب تجعل المرأة موضوعاً جنسياً من أجل الامتاع فقط ومن ثمّ تشتغل في منطقة مستساغة للرجال مضللة بسبب تقويض طبيعة امرأة تحاول أن تخلق مساحة آمنة لجسدها وهويتها أو عواطفها..
إذا كانت حبوب الأنوثة، تدعم النساء بتسويغاتها الأكثر شيوعا في ابراز معالم الأعضاء الغريزية أو الجنسية، إذن ألا يتعلق المعنى الأوسع لوجودها بمسألة قيام النساء باختيارها بسبب الهيمنة الذكورية؟ هل النجمة السينمائية مارلين مونرو، على سبيل المثال لا الحصر لم تكن مبالغة في تعزيز مسار مختلف عن الأنوثة، أليس لها الحق في القيام بذلك بسبب الضغوط الاعلانية والتسليع والشهرة رغم أن المبالغة لديها وصلت إلى حد السخرية الذاتية؟ 
وحقيقة فإن هذا يمثل إشكالية كبيرة عندما تتداخل الخطابات العلمية في الأستروجين والهرمونات مع النساء فقط لتغيير أجسادهن بما يتماشى مع الغرائز الذكورية.