سيرة الغليان والغضب

ثقافة 2021/10/19
...

 سعد باقر ثامر
 
صدر حديثا عن دار الشؤون الثقافية العامة الكتاب المهم الذي يؤرخ للانتفاضة الشعبانية الباسلة (يوميات الحرب والانتفاضة) تأليف مكي زبيبة، وإعداد وتقديم د.مصعب مكي زبيبة، والكتاب يدخل ضمن فن السيرة، وهو الفن المهم الذي يؤرخ للأحداث ويكشف الحقائق، تأتي أهمية الكتاب بأنه يؤرخ أيَّام الانتفاضة التي هي الوجع الذي عشناه في تسعينيات القرن الماضي، وكانت بحقٍّ انتفاضة شعبيَّة صادقة، تلك الانتفاضة التي خَرجتْ من رحمِ الترهيبِ والوجعِ ضدَّ زمرةٍ لا ذِمَّة لها ولا ضمير، فقد راهن النظام من أوَّل يوم لاندلاعها على إفشالها، ووصفها بجميع الأوصاف القبيحة، فقالَ بحقِّ الثوَّار المنتفضين: إنَّهم مجموعة من الرعاع المتمرِّدين، وإنَّها تَمَرُّد خائبٌ، نشمُّ منه رائحة الأجنبي، ويد أميركا والصهاينة وإيران بارزة فيها هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان للكويت يد أيضا في هذا اَلتَّمَرُّد طلباً للثأر. لقد بقي النظام يستعملُ الأسلوبَ نفسَهُ الذي يعتمدُ على الأقوال التي ليس لها أساس من الصحَّة... أقوال لا غير، أقوال قد لا تخدعُ حتَّى البسطاءِ من النَّاس، أقوالٌ لا غير، فلقد انكشفَ خلالَ الأيَّامِ التالية للانتفاضة كذبُ هذه الاتِّهامات، ومن هو الذي ساعد النظام على النهوض من جديدٍ بعد كبوته الخطيرة. إنَّ كلَّ قطرةِ دمٍ سالتْ خلالَ هذه الانتفاضة، أو تسيلُ اليوم تقع مسؤوليتها على النظام، ومن سانده على الرجوع، ممن تخوَّف من طبيعة الشعارات التي كانت تصدح بها حناجر الجماهير المظلومة، ممن تربطهم رابطة المحبة للوطن والمذهب، فرفعوا شعار الثورة والتغيير، وقدَّموا محبَّتهم وإنسانيَّتهم. إنَّ النظام الصدامي كشَّر عن أنيابه، فأخرج سلاحه المخبوء، وقتل النَّاس الأبرياء. 
والكتاب يؤرخ الأحداث التي جرت من يوم الخميس 17/ 1/ 1991، وهو اليوم الذي بدأت به المعركة الجوية التي شنتها أميركا وحلفاؤها على العراق في داخل الأراضي الكويتية والعراقية، إلى يوم الجمعة 29/ 3/ 1991، حيث قمعت الانتفاضة الشعبانية الباسلة، وقتل الناس الأبرياء من قبل النظام الصدامي وبين هذين التاريخين تجري أحداث كبيرة وخطيرة يرويها الكتاب بكل أمانة واتزان. وفي الختام أدعو إلى قراءة هذا الكتاب والتمعن فيه. فهو كتاب يروي الاحداث المهمة بأسلوب أدبي جميل من قبيل السهل الممتنع.