القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
تطمح المجتمعات دائما للعيش بمستوى أفضل ونظام أكمل وهي في سعيها إلى تحقيق غاياتها تصطدم دائما بعقبات تعرقل سيرها وتثقل خطاها وبعض هذه العقبات من صنع الطبيعة وبعضها من صنع البشر ومن المقومات الأساسية لبناء أي مجتمع قوي وتحقيق التنمية في المجتمعات هو الاهتمام بالطاقات والأفكار الشبابية من خلال الاستماع لمقترحاتهم وتلبية أمالهم وطموحاتهم الأمر الذي يتيح لهم أفاقا أوسع للإسهام بجهود التنمية المستدامة والاستفادة من أفكار الشباب ليكونوا قادة في المستقبل ومساهمين فاعلين في مسيرة التنمية ، وحيث ان التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر من دون الاضرار بقدرة أجيال المستقبل على الوفاء باحتياجاتها الخاصة وهي تنمية اجتماعية واقتصادية متوازنة و مستمرة وتعني السعي من اجل استقرار النمو السكاني والقضاء على الفقر وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية وتحقيق اكبر قدر من المشاركة المجتمعية في التخطيط للتنمية وحماية الموارد الطبيعية والزراعية والحيوانية والاستخدام الأمثل للأرض واستخدام التقنيات النظيفة التي تقوم باستخدام اقل قدر ممكن من الطاقة ويجب ان ياخذوا بالحسبان مقدار الطاقة المخزونة للأجيال القادمة ولا تؤدي الى دمار الموارد الطبيعية واستنزافها واعتماد افضل الوسائل لتحقيق الاستثمار الأمثل للموارد المادية والبشرية واعتماد مبادئ العدالة في الإنتاج والاستهلاك وعند توزيع العوائد لتحقيق الرفاهية لجميع افراد المجتمع من دون ان تحصل اضرار بالطبيعة او بمصالح الأجيال القادمة و لتحقيق التنمية المستدامة لا بد من وجود إرادة سياسية و كذلك استعداد المجتمعات و الافراد لتحقيقها ولكن هل للقانون دور في تحقيق التنمية المستدامة ؟.
نعم لا بد من وجود اليات قانونية مفعلة كجزء من الجهاز الرقابي فقوانين الاستثمار و العمل و الرعاية الاجتماعية و البيئة و أنظمتها يجب ان تتكامل في رؤية قانونية تمكن رجل القانون على كافة المستويات من ضبط العملية التنموية و السير بها و دفعها الى الامام من خلال تشريع القوانين التي تسهم في تحقيق اهداف التنمية المستدامة كما يتطلب وجود مؤسسات قانونية مدركة لأهمية هذه التنمية ومؤهلة بكوادرها لتطبيق القوانين على ارض الواقع و تفعيلها بهدف الوصول الى الهدف المنشود و تطبيق القوانين المتعلقة بالتنمية المستدامة و المحافظة على تحقيق هذه التنمية التي تتصف بالمدى البعيد و المحتاجة الى النفس الطويل من قبل الجميع ويجب تشريع القوانين التي تتطلبها التنمية المستدامة واهم تلك القوانين :
ا. تشريع القوانين التي تتعامل معها التنمية المستدامة و منها القوانين التي تتعلق بالزراعة و انماط الاستهلاك والإنتاج و النواحي السكانية و الصحة و الصناعة و المياه العذبة و بناء القدرات وان يكون رسم السياسات من قبل الحكومة لمراعاة جميع الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية عند تشريع أي قانون وتطبيقه من قبل الحكومة .
2. إعادة النظر بالقوانين الاقتصادية والتي تتعلق بالناتج المحلي لكل فرد والميزان التجاري في البضائع و الخدمات و كثافة استخدام المواد و استهلاك الطاقة السنوي للفرد و تدوير و إعادة استخدام النفايات.
3.التاكيد على دور قوانين البيئة لان من اهم اهداف التنمية المستدامة هو الحفاظ على البيئة من خلال استخدام المبيدات الزراعية و القوانين التي تعالج التلوث البيئي و نسبة المحميات الطبيعية و حماية الغابات و النفايات الخطرة والنفايات الصلبة و النفايات المشعة .
4. للقانون دور كبير في معالجة الجوانب الاجتماعية التي تهدف اليها التنمية المستدامة و خصوصا في ما يتعلق بنسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر و توزيع الدخل و معدلات البطالة ونسبة الأجور بين الاناث و الذكور و حالة التغذية لدى الأطفال و نسبة المخدومين بنظام الصرف الصحي و نسبة السكان الحاصلين على خدمة الرعاية الصحية الأولية و تحصين الأطفال ضد الامراض الوبائية و نسبة الأطفال الحاصلين على التعليم الأساسي و معدل الامية لدى البالغين ونسبة المسكن للشخص الواحد و معدل النمو السكاني
5. يجب ان يكون للمواطن دور في تحقيق التنمية المستدامة فالانسان هو محورها و توفير الحياة الأفضل له و مراعاة احتياجاته في المحيط الذي يعيش فيه ويجب ان تكون القوانين ملبية لاحتياجات كل المستفيدين و ضمان العيش المستقر و تحقيق العدالة الاجتماعية التي تعد من اهم اهداف تحقيق التنمية المستدامة .
6.ضرورة تشريع القوانين التي تتعلق بالاسرة فالبعد الاجتماعي هو احد محاور التنمية المستدامة و ذلك من خلال خلق مجتمع متفهم لحقوق الجميع و واجباتهم من خلال مجتمع تتحقق فيه المساواة و العدالة الاجتماعية و الحرص على ضمان حقوق الأجيال القادمة
7. يعتبر الاستثمار اهم مقومات تهيئة الظروف الملائمة للاجيال فلابد من تشريع القوانين الاستثمارية و تشجيع القطاع الخاص ليكون له دور في خلق فرص العمل و تهيئة الظروف المناسبة في مراعاة ظروف العامل و الموظف و ان تكون مؤسسات القطاع الخاص ذات رسالة اجتماعية في تطوير المجتمعات .
8. يجب ان يكون توجه القوانين المحلية منسجما مع التوجهات العالمية لتحقيق التنمية المستدامة من خلال المشاركة في الاتفاقيات الدولية التي تحقق هذه الغاية من خلال وضع استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة يضعها و تطبقها كافة أجهزة الدولة و تكون المرجع للنهوض بالتنمية المستدامة.
اننا في الواقع بحاجة الى ان تكون لنا قوانين تسهم في تحقيق اهداف التنمية المستدامة و لا يكفي تشريع القوانين فلابد من تفعليها و العمل بها و ان يكون للمواطن دور في تطبيقها و ان تكون تلك القوانين رادعة لضمان حقوق الأجيال القادمة .