منع الازدواج الضريبي

اقتصادية 2019/03/04
...

محمد شريف أبو ميسم
 
يقصد بالازدواج الضريبي تعدد الجباية الضريبيَّة على رأس المال نفسه أو الدخل على المستويين المحلي أو الدولي، وعادة ما يستخدمُ هذا المصطلح للتعبير عن الازدواج الضريبي الدولي الذي بات ظاهرة تسعى الدول للحد منها في ظل عولمة اقتصاديَّة ورغبة في استقطاب الاستثمارات الأجنبيَّة وتدعيم العلاقات الاقتصاديَّة.
ويحدثُ الازدواج الضريبي نتيجة تطبيق الدول تشريعاتها الضريبيَّة التي قد تتعـدى نطاق إقليمها وفقاً لما تقتضيه مصالحها الوطنيَّة، وذلك عندما تقوم دولتان أو أكثر بفرض الضريبة نفسها على الوعاء ذاته، نتيجة لاختلاف الأسس التي تعتمدها الدول فـي فرض الضريبة الواحدة.
وبهدف الإلغاء التدريجي لمحددات الحوافز التي قد تعترض حركة الرساميل والسلع وتوفير مناخ مشجع للشركات الأجنبية التي تبحث عن بيئات ضريبيَّة مناسبة لجني الأرباح في هذا البلد أو ذاك، فقد وقعت العديد من الدول اتفاقيات اقتصاديَّة ثنائيَّة أو متعددة الأطراف، بما يحمي سيادتها المالية ويحقق لها النفع في خلق مناخات جاذبة للاستثمار، فيما فرضت دولٌ وكتلٌ اقتصاديَّة عالميَّة مجموعة من الإكراهات التي أحاطت الاقتصادات الناشئة وحتى القوية، وفي مقدمتها الاتفاقات الضريبية المتعلقة بالإعفاء الضريبي أو الازدواج الضريبي كشرط لتدفق الرساميل.
وقد عملت مجموعة العشرين على وضع قائمة للبلدان التي تتهمها بأنها ملاذات ضريبيَّة، وألزمتها بالتوقيع على اتفاقيات لمنع الأزدواج الضريبي ليتم شطبها من القائمة "الرمادية".
فيما عمدت الولايات المتحدة على إلزام حلفائها بالتوقيع على اتفاقية الامتثال الضريبي (فاتكا) والتي تضع القطاع المالي في تلك الدول موضع الشرطي الذي يلاحق شركات وأموال الأميركيين لتعود ضرائب تلك الأموال لصالح الخزانة الأميركيَّة، وبالتالي حرمان الجهات الضريبيَّة في تلك الدول من جباية الضرائب دون مقابل بدعوى الالتزام باتفاقية "عدم الازدواج الضريبي الدولي".
إنَّ معيار توقيع اتفاقيات منع الازدواج الضريبي يضعُ السيادة الضريبيَّة وتشجيع جذب الاستثمار الأجنبي على طرفي معادلة تحتاج الكثير من الحسابات والدراية الاقتصاديَّة، لضمان ملاءمة التشريعات والقوانين للمستجدات الاقتصاديَّة العالميَّة بما يحقق المصلحة الوطنيَّة، ويضمن الحد من توظيف رؤوس الأموال الوطنية في الخارج من خلال فرض ضريبة على إيراد رؤوس الأموال المستثمرة في الخارج لمنع خروجها وتشجيع استثمارها في داخل الدولة، وكذلك الحد من استيراد رؤوس الأموال الأجنبيَّة التي يمكن أنْ تُستثمر في مشاريع يتعين تمويلها برؤوس أموال وطنية، فضلاً عن تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل في فرض الضرائب على رعايا الدولة الأجنبيَّة.