الخطاب الثقافي.. المسؤولية وحاجة التغيير

ثقافة 2021/10/25
...

علي حسن الفواز
صناعة الخطاب الثقافي، تعني صناعة الموقف، أو اختياره والتعبير عنه، وحتى بيان وظيفته، وهذا ما ينعكس على طبيعة الانشطة والممارسات التي تتطلب وجود هذا الخطاب، بوصفه اداة، أو منبرا أو منصة، او حتى مجالا للتعبير عن الافكار والسياسات التي تتبناها هذه الجهة او تلك، أو هذا الشخص او غيره..
في وسط عالم محتدم بالتعدد والتنوع، وحتى بالاختلاف يكون الخطاب الثقافي عنصرا في تمثيل الموقف، وفي صياغة الرسالة، وفي تأطير الهوية، ليس لاغراض صيانية، او لمواجهة الآخر، بقدر ما يعني الأمر تعريفا، وتوصيفا لما هو استعمالي في الخطاب، وتأكيدا على علاقة هذا الخطاب بمفاهيم مجاورة تخص الحرية، والهوية، والمجتمع، مثلما تخص توجيه الرسالة الموجهة الى الجمهور، على مستوى شكلها ومضمونها وواسطتها، أو على مستوى ادامة هذا الخطاب عبر التحليل والمراجعة.
في مجالنا الاعلامي بات الخطاب عنصرا مهما وفاعلا في صناعة التأثير، وفي توجيه مسارات ادارة السياسات الاعلامية، لأن الاعلام لم يعد مجالا لنقل الاخبار المعلومات، او الترويج والدعاية لتوجهات محددة، بقدر ما اضحى قوة فاعلة، في تحريك عناصر التلقي والمحتوى، وفي توسيع المشاركة التي تخص مجالات التنمية البشرية، والسلم الاهلي، وفي اعادة صياغة كثير من العقود الثقافية والسياسية والاجتماعية، لاسيما بعد أن تكرّست الثورة المعلوماتية وهيمنة اجهزتها التواصلية على العمل الشخصي والمؤسساتي والمجتمعي، إذ غيّرت هذه الهيمنة من طبيعة المنظومات العاملة في المجال الاعلامي، ومن وظائفها، ومن علاقتها المباشر في صياغة الرأي العام عبر النظر في المنصات التي يُروّج من خلالها للمواقف والافكاة، ولتنظيم العلاقة مع الآخر، بوصفه مشاركا ومتلقيا في آن معا.
معطيات صياغة الخطاب، او صناعته باتت مسؤولية كبيرة، وهدفا لعمل المؤسسات، إذ تستدعي هذه المعطيات جملة من الاستحقاقات التي تعزز اليات العمل والمنافسة، واستطلاع واقع الجمهور ومعرفة توجهاته، لكي يكتسب الخطاب فاعليته، وجدّته وقوته في خلق استجابات واسعة، وفي التأثير وباتجاه المساهمة في تغيير انماط السلوك، كما أن هذه المعطيات وتجديدها، وصناعة الانساق الحاملة لها، تتتطلب بالمقابل وجود الخبرات البشرية المؤهلة، والخطط الفاعلة، والبيئة العملية التي تسند تنفيذ تلك الخطط بالسرعة التنافسية، وبالاطر الطموحة التي تجعل من اجهزة الخطاب الاعلامية والمنصاتية جاهرة ومتفاعلة مع حاجات التغيير...