سامنثا: مرحبا أنا بخير...!!

ثقافة 2021/10/25
...

ابتهال بليبل
 
تبدو مقولة إنّ (الناس يتعرفون على العالم وعلى أنفسهم من خلال أجسادهم) شديدة الدقّة والمصداقية، فالجسد هو المبتدأ الأول الذي تنطلق منه بواكير الخطرات الواعية نحو ذواتنا ونحو الآخرين، فهو الواجهة الغامضة الأولى التي نراها في المرأة فنعرف ثم نتعرّف وندرك أننا نرى أنفسنا، ومن ثمّ سنرى الآخرين في مرآة ذواتنا، لذا يمكن القول إن (الجسد هو الأساس في التعبير عن الذات) ويمكن تجربة هذا التجسيد بشكل إيجابي أو سلبي، كتمكين أو ضعف...!
ولو عدنا إلى الأنثى بوصفها الكائن الأكثر ولعاً في التعرّف والتفتيش، فعلينا الأخذ بنظر الاعتبار كيف أن الجسد يؤثر في مشاعرها الذاتية، وخاصة صورتها وهويتها، فالاتجاه الثقافي لتعريف المرأة أو الأنثى عادة ما يختصر وجودها في جسدها فحسب. 
وهذا يحيلنا إلى أن المرأة قد تكون أكثر قدرة من الرجل للانخراط في مشاريع تحسين الذات المتعلقة بالجسم مثل (السعي وراء الجمال، مكافحة الشيخوخة) وغير ذلك من الأمور التي تتأثر بها المشاعر جدا ولكن اشتغالها ينحسر بالجسد فقط. 
إنّ جسد الأنثى هو الذي يشكّل مشاعرها الذاتية، وهو أمر ضروري لإنتاج منظور الشخص الأول الذي يستعمل -بحسب المصادر- في ألعاب (الأكشن) إذ يتحكم اللاعب بشخصية واحدة من خلال منظور الشخصية نفسها، كما أنه لا يرى من اللاعب سوى يد الشخصية والسلاح الذي تحمله. إذ أن تجربة الخروج من الجسد هنا، تمثيل واضح للفشل في الربط مابين وحدة الذات والجسد، والتحول من منظور الشخص الأول إلى منظور الشخص الثالث (الذي يعني أن اللاعب يرى الشخصية من الخلف وتكون كاميرا الرؤية تلاحق اللاعب من الخلف، فيمكن أن تشاهد جسد اللاعب وما حوله، وهذا الذي يجعله مختلفا تماماً عن منظور الشخص الأول).
يأخذني هذا الطرح المتعلق بالرؤية البصرية التي قد تشكّل الرؤيا الفكرية إلى ما تعرضت له الروبوت الجنسي (سامنثا) من انتهاك جنسي في معرض التكنولوجيا بالنمسا عام 2017، فقط قال سيرجي سانتوس، مطور (سامنثا) آنذاك: «جلس الحضور على صدر (سامنثا) وعلى ساقيها، وخلعوا ذراعيها، وكسروا أصابعها، وتركوها على الأرض ملطّخة».
أراد المهندس سيرجي سانتوس -وفق الخبر- عرض الروبوت (سامنثا) في مهرجان الفن الإلكتروني في لينز، بالنمسا، وتمت برمجة الروبوت بخاصية الذكاء الصناعي لتتفاعل بذكاء مع اللمس اللطيف، وتصبح بالتدريج أكثر رومانسية، ولكنّ هذا لم يحدث، وبدلا منه تم الاعتداء الجنسي على (سامنثا) على عكس ما هي معدة له، وتدميرها من قبل رواد المهرجان.
وعلى الرغم من أنّ ثدي سامنثا وبعض أجزاء جسمها قد تضرّرت بشدة من قبل الحضور في المؤتمر، إلّا أنّ برمجيات الذكاء الاصطناعي في الروبوت ما تزال تعمل بشكلٍ مثاليّ، فعندما سأل سانتوس دميته سامنثا: “كيف حالك؟”، أجابت: «مرحباً، أنا بخير»...!.