الجانب الإنساني في العمل الصحفي

منصة 2021/10/27
...

 محسن حسين
 
العمل في مؤسسة صحفيَّة ليس كله صحافة، هناك الجانب الإنساني والعلاقات الاجتماعية، وخلال سنوات عملي في وكالة الأنباء العراقية «واع» ابتداءً من العام 1959 (قبل 54 عاماً) كنت حريصاً على هذا الجانب بقدر حرصي على الجانب الصحفي.
في أيام «واع» وكنت من مؤسسيها، عملت على إنشاء جمعيَّة تعاونيَّة استهلاكيَّة وجمعيَّة لبناء المساكن، ونفذت مشروعاً للتأمين على الحياة وتأسيس نادي الإعلام وبعض الأمور الأخرى التي أجد في إيرادها هنا بعض الفائدة للجيل الجديد من الصحفيين.
كانت هناك جميعة تعاونيَّة لبناء المساكن للصحفيين حصلت على قطع أراضٍ لمنتسبيها في ما يسمى الآن «حي القادسية» قرب مدينة المأمون، وكنت عضواً في هذه الجمعيَّة وعضواً في نقابة الصحفيين العراقيين.
وعند توزيع قطع الأراضي كان نصيبي إحداها، وإذا بي أفاجأ بموقف عجيب هو أنه لا يجوز لي ذلك لأنني موظف، وعلى أساس أنَّ النقابة هي للصحفيين في القطاع الخاص فقط.
وتلقيت كتاباً من النقابة برقم 639 في 21 /2 /1969 يقول إنَّ الهيئة الإداريَّة للنقابة قررت ترقين قيدكم من سجل النقابة لكونكم موظفاً على الملاك الدائم في الوكالة.
وترتب على ذلك أنَّ الجمعيَّة التعاونيَّة لبناء المساكن سحبت مني قطعة الأرض، وعند ذاك فكرت لماذا لا نؤسس نحن العاملين في الوكالة جمعية مماثلة؟ وهذا هو الذي حصل، وقمت بتأسيس الجمعيَّة، وأصبحت رئيساً لها، واستطعنا بعد مدة الحصول على قطع أراضٍ في حي البلديات الحالي حيث يسكن الآن العديد من منتسبي الوكالة أعضاء تلك الجمعيَّة، كما حصلنا على قطع أراض أخرى، وقد حصلت على قطعة أرض 600 متر مربع في حي البلديات لكني تنازلت عنها مقابل 75 ديناراً عند زواجي عام 1968.
أما الجمعيَّة الاستهلاكية فقد كانت تجربة فريدة خضتها على مستوى منتسبي وزارة الإرشاد (الثقافة والإعلام في ما بعد)، تقدمت مع عددٍ من منتسبي الوزارة بطلب تأسيس الجمعيَّة، وحصلت على الإجازة من وزارة الداخليَّة وأصبحت رئيساً للجمعيَّة، واتخذت للجمعيَّة مقراً في الصالحيَّة قرب الإذاعة والوكالة، وجاء وزير الإرشاد إسماعيل العارف لافتتاحها عام 1961، وفي حينه قدمت هذه الجمعية خدمات ممتازة للمنتسبين، ببيعها العديد من السلع الدائمة مثل الثلاجات والمجمدات والطباخات والتلفزيونات بالتقسيط، كما بعنا سيارات سكودا الجيكية بمبلغ 750 ديناراً للأعضاء على أنْ يدفع المشتري مقدمة 250 ديناراً والبقية 
بالأقساط.
وبقيت رئيساً للجمعية حتى عام 63 فلم أرشّح في انتخاباتها ثم عدت بعد إلحاح الأعضاء عام 64 رئيساً لها لفترة أخرى.
ومن بين المبادرات أننا نظمنا رحلة لمنتسبي الجمعية الى مصر في آذار 68. استأجرنا طائرة (جارتر) من الخطوط الجوية العراقية تتسع لـ 95 راكباً وقدت هذه المجموعة في زيارة استغرقت 10 أيام.
 ومن المبادرات الأخرى مشروع التأمين الجماعي على حياة منتسبي الجمعيَّة (وهم منتسبو وزارة الإرشاد -الإعلام في ما بعد). واحتفظ بنسخة من كتيب طبعته ووزّعته شركة التأمين الوطنية عن التجربة الرائدة لهذه الجمعية في مجال التأمين الجماعي، وكانت وثيقة التأمين تتضمن دفع ألف دينار لأسرة العضو في حالة الوفاة، وتعويضات مالية جيدة عن الإصابة أو الدخول إلى مستشفى إثر حادث ما.
لم يكن سهلاً إقناع الموظفين في ذلك الوقت بجدوى وفوائد التأمين، لكنَّ حادثاً وقع أدى إلى تغيير في نظرتهم لمشروعنا.
كان عددٌ من مصوري التلفزيون وهم أعضاء في الجمعية يرافقون الرئيس السوفياتي بودغورني عند زيارته للعراق عام 1967 قد تعرضوا لحادث سيارة فجرحوا ودخلوا المستشفى عدة أيام للعلاج، وكان أنْ حصلنا من شركة التأمين على تعويضات مالية تسلمها كل منهم حسب مشروع التأمين
الجماعي.
أما نادي الإعلام فقد أسّسناه عام 1970 بمبادرة أخرى، إذ قدمت أنا والأستاذ بهجة شاكر المدير العام للوكالة حينذاك طلباً إلى وزارة الداخلية لتأسيس النادي، تمت الموافقة واتخذنا له مقراً في البناية الملحقة ببناية الوكالة على شارع أبي نؤاس، وأصبح الأستاذ بهجة شاكر رئيساً للنادي وأنا نائباً للرئيس، ويذكر العديد من الصحفيين ومنتسبي الإعلام الفعاليات العديدة الأسبوعية التي كان النادي ينظمها لهم 
ولأسرهم.