مغاليـق مفتوحة

ثقافة 2021/11/02
...

 شكر حاجم الصالحي
 
هو واحد من قصاصي الستينيات، الذي لم ينصفه النقد العراقي فقد كان حامد الهيتي (1943 ـ 2014) فضلا عن اشتغاله القصصي، فناناً تشكيلياً أقام عدة معارض فنية في بغداد وبابل وهو من أوائل من كتب ونشر قصيدة النثر في أوج صعودها، وتميز ببراعة اعداده للبرامج الاذاعية والاعمال المسرحية، وعُرف بجمال الخط العربي، وهو باختصار فنان شامل وله في مضمار السرد القصصي: (ارض من الياسمين/ 1981، الــخنــادق/ 1984، العندليب/ 1988، مغاليق/ 2001، تهويمات من حجر/ 2004، الإرث/ 2008 وهي آخر مجموعة أصدرها قبل رحيله الفاجع). 
ومغاليق مفتوحة/ دراسة بنيوية تكوينية تناولت فيها مؤلفتها زهراء بدر الطائي مجاميع حامد الهيتي برؤية نقدية فاحصة ومنصفة، ادراكاً منها لأهمية منجز الهيتي في اثراء المشهد الثقافي لاسيما أن الهيتي من علامات الابداع العراقي في ستينات القرن العشرين، وشكّل مع أقرانه اضافة نوعية في الحراك النوعي وصاغ من خلال نصوصه السردية ملامح تجربة انسانية ضاجة بتحدياتها ومكاشفاتها.
تقول المؤلفة في تقديمها لإصدارها: شهدت فترة الستينات من القرن الماضي ظهور العديد من القاصين الذين تمكنوا من تأسيس نتاجات قصصية تعتمد على الثقافة والاطلاع، مستفيدين من تجارب من سبقوهم في هذا المضمار وقد كان حامد الهيتي واحداً من القاصين الذين تميزوا بإبداعاتهم القصصية التي كشفت الواقع العراقي.
يتألف الكتاب من ثلاثة فصول هي: (البنيوية التكوينية في قصص الهيتي.. وفيه عدة مباحث، مكونات البنية السردية في القصة القصيرة، بنية اللغة وتمظهرات فن التشكيل).
وتشير المؤلفة الى ان البنيوية التكوينية تعد منهجاً واجراءً في مقاربة النصوص القصصية، وهو - المنهج- يشير إلى المستوى العلمي المتقدم في فهم طبيعة العلاقة الموجودة بين الابداع والواقع الاجتماعي الانساني من حيث انه يتيح الجمع بين التحليل الشكلي والدراسة الاجتماعية. وفي رأيها الذي اشارت فيه إلى البنى الدلالية في منجز الهيتي تؤكد الطائي على ثلاث بنى دلالية هي (الحرب، الفقر، السلام) وبذلك أوجزت وأصابت في الكشف عن موارد الهيتي ومكونات تجربته فهي تقول: جاءت (مرحلة التفسير) لتربط تلك البنى في النص (الحرب، الفقر، السلام) مع البنية الفكرية الخارجية، وكانت متماثلة لما استقر من (رؤية للعالم) في وعي المجتمع الحلي والشعب العراقي عامة، التي تدعو الى نبذ الحرب ومكابدة الفقر ونشدان السلام، وهذا ما يدل على أن الانساق الأدبية التي يتحدث عنها الهيتي، لا بد لها من ارتباط بالانساق الاكبر منها خارج النص الادبي.
ولا بد هنا من نظرة تقويمية الى مجمل نصوصه السردية كما اشارت اليها زهراء بدر الطائي بالقول:
يمكن اعتبار مجموعاته (تهويمات من حجر، ومغاليق، والإرث) تسجل مرتبة من النضج الأدبي اذ تميزت بالتماسك الفني والفهم القصصي تميزاً واضحاً، ليصل الى قمة روعته الفنية فالحوار متماسك والشخصيات في تلك المجاميع مقنعة، فجميع هذه القصص قصص اجتماعية واقعية وبين بداياتها ونهاياتها مسافات مليئة بأحداث متنوعة ومتشابكة يأخذ بعضها برقاب بعض مفضية الى نتائج تتحول بدورها الى أسباب، ولا تجد في ذلك أثراً للانفعال والتصنع ومحاباة السلطة والخوف. 
إن مغاليق مفتوحة دراسة جادة قالت الكثير، وانصفت بمروءة ابداع حامد الهيتي الذي تناساه المشهد النقدي العراقي. ومن هنا اقترح على اتحادنا العريق -اتحاد ادباء العراق- اعادة طبع الاعمال القصصية لواحد من رموز الابداع العراقي/ البابلي.. وبذلك نعيد إلى الواجهة حضور الهيتي مبدعاً وإنساناً.