مشكلة الفقر

اقتصادية 2019/03/06
...

د. باسم الإبراهيمي
 

المؤشر العالمي لشمول الخدمات المالية (غلوبال فايندكس) الصادر عن مجموعة البنك الدولي هو أكبر قاعدة بيانات بخصوص وصول البالغين الى الخدمات المالية، التي أطلقت نسختها الاولى عام 2011 والثانية كانت عام 2014 والثالثة في العام 2017، وقد شهدت النسخة الأخيرة تطوراً ملحوظاً في ما يخص بيانات الشمول المالي الخاصة بالعراق، وكان المؤشر الأبرز هو زيادة نسبة الشمول المالي في العراق الى23 % بعد أنْ سجَّل نسبة 11 % في العام 2011، وهذا التحسن يعودُ بشكل أساس الى مشروع توطين الرواتب الذي عمل عليه البنك المركزي منذ سنتين خلتا.
المؤشر الآخر الذي يثير الانتباه يتعلق بموضوع الأسباب الخاصَّة بعدم امتلاك حساب مصرفي في العراق، إذ أشار المسح الى أنَّ المشاركين كان لديهم الخيار في ذكر أكثر من سبب، وقد كانت الأسباب بحسب أهميتها من قبل المشاركين على وفق الآتي السبب الرئيس يعود الى نقص الأموال بنسبة 77 % في حين إنَّ ارتفاع التكاليف الخاصَّة بفتح الحساب أتت بالمرتبة الثانية وشكلت 46 %، فيما أشار 33 % الى عدم الحاجة الى الحساب كسببٍ ثالثٍ ليأتي بعده سببُ عدم الثقة بالمصارف بالمرتبة الرابعة بنسبة 25 % من المشاركين، وأخيراً كان سبب الموانع الدينيَّة أو امتلاك شخص آخر في العائلة لحساب مصرفي بنسبة 10 % من بين الأسباب المانعة لامتلاك حساب مصرفي.
للوهلة الأولى فإنَّ الجميع يعتقدُ أنَّ الثقة بالمصارف هي السبب الرئيس، إلا أنَّ المسح يبين أنَّ هذا السبب يأتي بالمرتبة الخامسة من حيث الأهمية في ذلك، وأنَّ الفقر هو السبب الأول، وإذا ما علمنا أنَّ السبب الثاني المتعلق بارتفاع التكاليف قريبٌ من الأول لا سيما أنَّ التكاليف المتعلقة بفتح الحساب هي ضمن الحدود المقبولة والتي يقدرُ عليها كل ذوي الدخول المتوسطة فإنَّ الموضوع سيدورُ بشكلٍ رئيس حول الفقر كسببٍ أول في الإبعاد المالي للبالغين في العراق، وما يؤكد ذلك إنَّ المسح في سؤال آخر يتعلق بالثقة بالمؤسسات يظهر أنَّ الثقة بالمصارف تتقدم على العديد من المؤسسات الأخرى وتحديداً المؤسسات العامة وانها لم تتراجع عن مستوياتها المسجلة في المسح السابق خلال العام 2014 على الرغم من كل الأحداث الأمنية التي سببتها عصابات داعش الإرهابيَّة، وهذا يؤكد أنَّ الفقر هو مشكلة المشاكل.