يونس جلوب العراف
في كل بلد هناك مصدر قوة لقرار الحكومة مستمد من قوة إرادة الشعب التي تكون اقوى من جميع الإرادات كونه يمثل ما يمكن أن نسميه الإطار الجمعي لقوة البلد وهذا ما ظهر جليا في تصاعد الرفض الشعبي لوجود القوات الأجنبية على الأراضي العراقية حيث أعجبني قول رئيس الوزراء عادل عبد المهدي بان القرار العراقي مستقل ولا يتأثر في أي نفوذ واملاءات من أي طرف كان بما يعكس قوة هذا القرار المستقل الذي يليق بهيبة وسيادة العراق على أرضه لاسيما ان العراق بات القطب الرئيس في معادلة محاربة الإرهاب
في العالم .
من المؤكد ان رفض الحكومة العراقية على لسان عبد المهدي لوجود أية قواعد اجنبية على الاراضي العراقية هو بالتأكيد رأي جميع أبناء الشعب العراقي كون الهدف من الوجود العسكري الأجنبي وبحسب قرارات مؤتمرات مكافحة الارهاب التي عقدت في عدد من دول العالم يتمثل بمحاربة عصابات "داعش" الارهابية والتدريب الذي تحتاج اليه القوات العراقية ويجب ان ينتهي في اسرع وقت كون القوات الامنية العراقية اصبحت في وضع قتالي يؤهلها لبسط الامن والاستقرار في جميع
انحاء البلاد .
يقول معارضو الوجود الأمريكي في العراق إن أمريكا خرجت من باب "المقاومة"، وعادت من شباك "داعش" وفي ايار 2018، أعلنت المتحدثة الصحفية باسم وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون"، دانا وايت، عن وجود نحو 5 آلاف عسكري أمريكي في سوريا والعراق، مشيرة إلى أن هذا الرقم تقريبي، وهناك مصادر غير رسمية تؤكد أن العدد الحقيقي أكبر بكثير مما ذكرته المتحدثة الصحفية باسم البنتاغون بينما يقول النائب وجيه عباس إن "العدد الحقيقي للقوات الأمريكية في العراق هو تسعة آلاف مقاتل " ،لذلك فان عدم قبول أية قواعد أجنبية على الأراضي العراقية هو قرار عراقي بامتياز لكون العراق قد حقق نجاحات واضحة على الأصعدة كافة ويشهد اليوم استقرارا بعد دحر عصابة داعش الإرهابية بتضحيات ابنائه وبالتماسك الاجتماعي ووحدة أطياف الشعب العراقي حتى أصبحت الحياة في المدن العراقية ومنها العاصمة أفضل مما كانت عليه فضلا عن انفتاح العراق على محيطه العربي والإقليمي وحرصه على إقامة علاقات تعاون تخدم مصالح العراقيين وتعزز فرص التنمية والاستقرار لشعوب المنطقة.
في المقابل فان العراق وانطلاقا من المصالح المشتركة لابد أن يكون حريصا على العلاقات مع الولايات المتحدة التي نريدها من الدول المساهمة في محاربة الإرهاب وعصابات داعش الإجرامية وانه يجب التقيد بالاتفاقات الأساسية وهي مكافحة الإرهاب وتدريب القوات العراقية ومساندة جهود الاستقرار والإعمار وتطوير الاقتصاد وليس أي شيء آخر فهناك مساع وخطوات برلمانية أعلنها أكثر من نائب يتم العمل من خلالها بغية اعادة النظر بالمعاهدة مع الولايات المتحدة بما يصب في مصلحة البلد حيث أن عددا من النواب طالبوا بضرورة جلاء القوات الأمريكية من العراق، وذلك بعد الغضب الذي عم الشارع العراقي، على خلفية زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قاعدة عين الأسد في الانبار من خلال جمع تواقيع 77 نائبا تم إرفاقها مع طلب لإعادة النظر بالاتفاقية الستراتيجية مع واشنطن بما يحدد إعداد وواجبات القوات الأجنبية في داخل أراضينا اذ يؤكد هؤلاء النواب على ضرورة معرفة عدد الجنود الأمريكان والواجبات الفعلية التي يقومون بها بعد وجود شكوك من قبلهم بالواجبات الحقيقية لتلك القوات خاصة بعد التصريحات التي ادلى الرئيس الامريكي ترامب عن مراقبة دول الجوار من داخل العراق ما يجعل أهمية تدخل البرلمان بشكل فاعل لتقليص أعداد تلك القوات إلى رقم معقول لا يتجاوز الثلاثة آلاف مقاتل، وأن يكونوا فعليا كمستشارين ومدربين وليس لأسباب أخرى لا يعلمها العراق.
في المقابل فان تصريح وزير الدفاع الأمريكي الذي اكد فيه "اعتزاز بلاده بعلاقات التعاون مع العراق وارتياحه لما يشهده من أمن واستقرار وأنه "جاء ليستمع بشكل مباشر لرؤية الحكومة العراقية لطبيعة ومستقبل العلاقات بين البلدين" ، فضلا عن تأكيده ان "مهمة القوات الأمريكية تتمثل بمحاربة داعش والتدريب الذي تحتاج اليه القوات العراقية، ودعمها في القضاء على بقايا داعش" يجب ان يترجم على ارض الواقع من خلال توقيع اتفاق يحدد مدة بقاء القوات الامريكية ومهامها والابتعاد عن كل ما يجعل العراق طرفا في أي صراع اقليمي ودولي كون الحكومات العراقية المتعاقبة اكدت على ان العراق سيبقى بعيدا عن سياسة المحاور .