الضحية المسكوت عنها

اسرة ومجتمع 2021/11/06
...

قاسم موزان
 
حددت الجمعية العامة للامم المتحدة السادس من تشرين الثاني عام 2001، يوما عالميا سنويا، لعدم استخدام البيئة الطبيعية في الحروب والصراعات العسكرية التي تسود العالم بين الحين والآخر على نحو مقلق وتدفع الانسانية اثمانا باهظة جراء اشتعالها والى مديات غير معلومة، وتضيع عليها فرص النهوض والتقدم، واغلب تلك الحروب ان لم اقل اكثرها تندرج تحت بند الخلافات والعداءات السياسية، وبعد توقف طبول الحرب، تحصي البشرية خسائرها بعدد قتلى الجنود والجرحى والمدنيين، الا ان البيئة تعد الخاسر المنسي في تلك الحروب وضحية مسكوت عنها، اذ تتعرض خلال الحروب والنزاعات الداخلية الى تلويث بيئي مخيف في المياه والهواء وحرق المزروعات الواسعة والبساتين والاغرب السعي الى قتل حيوانات الطبيعة التي تشكل التوازن الطبيعي في الحياة، وتتعرض الغابات والاشجار الى تقطيع اوصالها لتسهيل مرور الآليات والعجلات العسكرية، كل هذا وغيره يعد تجاوزا على البيئة واساءة لوجودها حين تواجه الدمار.
وجد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن ما لا يقل عن أربعين بالمائة من الصراعات الداخلية خلال السنوات الستين الماضية مرتبطة باستغلال الموارد الطبيعية، سواء كانت موارد ذات قيمة عالية، مثل الأخشاب والماس والذهب والنفط، أو موارد نادرة مثل الأراضي الخصبة والمياه، كما تم التوصل أيضاً الى أن فرص تأجج النزاعات تتضاعف اذا كانت مرتبطة بالموارد الطبيعية، والاستحواذ القسري على مصادر التنمية، وتسعى الامم المتحدة في برامجها الاساسية الى منع اشتعال النزاعات البينية ونزع فتيل الحروب وارساء دعائم السلام العالمي والتأكيد على بنائه حتى في البيئات المضطربة او التي تعاني من مشكلات عرقية او اثنية لغرض اشاعة السلم الاهلي ودعم سبل العيش، فمن العبث الكلام عن سلام دائم من دون الموارد الطبيعية والحفاظ عليها. 
وما دام الحديث عن السلام وسبل ترسيخه وبنائه فالعالم يحتفل في العاشر من الشهر الحالي من كل عام بتوظيف العلم لصالح السلام والتنمية المستدامة من اجل تسليط الضوء على اهمية الاستفادة من العلوم في المجتمع وضرورة اشراك الجمهور الفاعل بما يستجد من المعارف والاطلاع على ما هو جديد، ان ارساء ركائز السلام في العالم من المهام الرئيسة التي تضطلع بها الامم المتحدة وازالة اسباب الكراهية والتخفيف من بؤر التوتر بالاستفادة من التطورات العلمية التي يشهدها العالم.