زيد الحلي
مع انبلاج فجر الاحد المنصرم، عشنا في محرقة قلق مجتمعي، بعد الاعلان عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء، اذ تحولت ساعات الصباح الى اوقات ضيق، وشُلت الحياة الاعتيادية للمواطنين، لاسيما طبقات المجتمع التي تقتات من عملها اليومي، وشهدت الشوارع قطوعات أثرت في انسيابية دوام المدارس والموظفين، وتدنت حركة البيع والشراء في الاسواق الى درجة
الصفر.
ورغم انني أنأى بنفسي دوماً عن الدخول في متاهات السياسة التي لا مستقر فيها في بلدي، لعلي أصدُّ الحزنَ أو أخفيه، لكني وجدتُ نفسي ملزما بالإشارة الى أن اية هزة "سياسية" تؤدي الى قلق نفسي عميق الأثر عند المواطنين، والى خراب ينخر في الطباع والسلوك، معكراً المزاج، ومعلناً غضباً مكبوتاً، وهو اشد انواع الرهاب
النفسي.
في اليومين الماضيين، تجولت على مضض لجس نبض المواطنين بتأثير الاخبار التي سمعوها، انطلقتُ للتجوال، فلم اجد الصباحات التي عرفتها: اين حركة
الناس؟
اين الموظفون والطالبات اللاتي كانت تمتلئ بهن الشوارع وساحات وقوف السيارات وهن مثل لوحة فسيفساء او حديقة ملأى بالزهور الملونة بعطر القداح والقرنفل والياسمين، لم ار من ذلك المشهد إلا عدداً لا يسر الناظر، ولا يعطي دفقاً لبدء حياة يوم جديد، بحثتُ عن ألق سوق الشورجة وعن بائعي الوجبات الغذائية الصباحية التقليدية التي كانت احدى سمات الصباح البغدادي، فما شاهدتُ سوى ثلة
منهم ..
سادتي رجال السياسة في الحكومة والمعارضين لها، ان صباح العراقيين، أمانة في اعناقكم، هو بدء اعلان يوم جديد في حياة شعوب العالم، وهو مثل ساعي البريد إلى أهل الضياء والصفاء والوفاء، حاملا رسائل مغلفة بأطيب الدعاء، الصباح اعلان عن النور وبداية يوم جديد ينشد فيه الجميع خيرا عميماً ورزقاً وفيراً ينقلهم ربما من حالات الضيق إلى حالة أخرى من الرّحابة والسعادة والحياة، نرجوكم رصوا الصفوف، لقد تعبنا وطفح الكيل، وبلغ السيل الزبى، ولم يبق في قوس الصبر منزع، نريد الاطمئنان، ونبحث عن لقمة عيش نظيفة
فقط!.