بوابة المربد

ثقافة 2021/11/13
...

 حذام يوسف طاهر
 
في كل دورة لمهرجان المربد، وقبل أن يباشر المشاركون الفعاليات، تزدحم وسائل الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بالحديث عن المهرجان، ويتنافس الأدباء والمثقفون، والمتابعون بالتنظير والتعليق والنقد لفعالية لم تبدأ بعد، فما بالك في اثنائها وبعد ختامها؟!
وعلى الرغم من ان كل نشاط ثقافي أدبي او فني اجتماعي تتخلله بعض الاخفاقات، إلا أن مهرجان المربد ربما أكثر مهرجان عربي يواجه التحديات، ومن جميع الاحجام والاشكال، من الداخل ومن الأدباء والمتابعين تصل حد الشتم!.
وبعيدا عن كل ما قيل ويقال حول موضوع التنظيم ولجنة التحضير، والقصائد التي صدح بها الشعراء على منصة المربد، وإشكالية الدعم، والتعاون مع عدد من المؤسسات التي تأخرت بحسم موضوع الدعم والمشاركة، بعيدا عن كل هذا اسمحوا لي أن أتحدث عن جانب آخر لا ينتبه له الكثير من المدعوين للمهرجان من داخل العراق وخارجه، وربما لا يعيرون الموضوع أهمية ويجدونه تحصيل حاصل، هو الوجه الاخر للبصرة والمدن التي تقع ضمن حدودها، بكل ما تحمل من محبة وكرم للمقبل اليها، ومن دون أن تسأل وتستفسر، تستقبل بكل ما أوتيت من
 محبة وحكمة.
ضمن أيام مهرجان المربد كانت هناك رحلة الى قضاء القرنة، الذي يبعد عن مدينة البصرة 74 كم2، إذ كان ضمن البرنامج جلسة شعرية في قاعة كلية التربية هناك، فتوجه عدد كبير من الوفود من بغداد والمحافظات الى هناك، والقسم الأكبر اختار أن يتابع جلسات شعرية ونقدية في قاعة فندق الشيراتون، الذي احتضن ضيوف المهرجان من العرب ومن الاجانب، ذهبنا الى القرنة وأغلبنا يزورها للمرة الاولى، ونجهل ما الذي سيختلف هناك عن ما شاهدناه وتابعناه من جلسات، سواء كنا مشاركين او داعمين اعلاميا، الا ان ما اكتشفناه هناك كان يفوق تصوراتنا البسيطة والفقيرة عن هذه المدينة الغنية بالموارد الطبيعية، وقبلها غنية بأهلها من السيدات والسادة، وحتى الاطفال، كانت دهشتنا كبيرة بمقدار الحفاوة والاستقبال، كنت شاهدة على منظر النخيل في اول دخولنا للقرنة، وهو يتراقص فرحا واحتفالا بضيوف المدينة، ثم كرم ابناء وأعيان المدينة من مسؤولين ومثقفين واعلاميين، الكل نذر نفسه لخدمة الضيوف، فمرة يغمرونا بالورد ومرات بعسل مفرداتهم، واخرى بكرم فريد من نوعه، لا تلمسه إلا عند أهل البصرة والعراق.
المذهل في المدينة أنها الشاهد على اقتران دجلة والفرات، والمحتفلة بهم أبدا، ويقال انها سميت بالقرنة نسبة الى هذا الاقتران العظيم بين النهرين، وهناك نظريات متعددة لأصل تسميتها بهذا الاسم، لكنني أجد أن هذا الطرح أقرب للحقيقة والمنطق.
المدينة مثلها مثل العديد من المدن العراقية التي تعرضت للعديد من الأزمات الاقتصادية والخدمية والسياسية، برغم انها تعد من المناطق النفطية المهمة، لكنها لم تتنازل عن ثوبها الابيض الجميل، وتطرح كل أزمة ومشكلة على جانب، لتحتفل مع ضيوفها بمشهد الماء والخضراء والوجه الحسن.
سلاما للبصرة وللقرنة ولكل مناطق الجنوب بسيداتها وساداتها، المحبين للحياة الباحثين عن اسرارها، سلاما لاتحاد أدبائها ولكل من يسعى لبث الفرح والحياة في كل مدن العراق.