لعل اكثر القضايا الجوهرية التي أرسى الإسلام أُسسها وتبنَّى الحثّ بالالتزام بها سعادة الأسرة واحترام العلاقات الزوجية من خلال الأُطروحة القرآنية، السنًّة النبويَّة، وسيرة أئمَّتنا الأقداس
التي تضمنت القواعد الأُصولية لسعادة الأسرة، الإنسجام، التفاهم، المحبة والوئام .. لاجتناب الأسرة للخصومة، الإساءة، الطلاق والفراق.. كلُّ المُثل والقِيّم الإنسانيًّة ، المبادئ في التشريعات الإسلامية لتحصين المجتمعات من الانهيار، والتصدعات والشروخ التي تترك آثاراً نفسيَّة وسيكولوجية على الأبناء وبالتالي تُخلِّف أجيالاً مُشوهة وتُخلّف بذوراً للكراهية
والعنف.
فالأسرة التي تتغذَّىّ من فكر النبيّ وآله وتجسد القرآن بتعاملها يسودها أريج الودّ والتعاون وتُصبح أزاهير الحياة مُفتحة ذات رونق وبهاء، رياضٌ نضرةٌ تزدان بالخُضرة الدائمة، جميع النظريات الوضعية قاصرة مُقصرة تجاه الأسرة إلا ديننا منح كل الحقوق للأسرة .
سنرى بصفحات البحث طرق التعامل التربوية والأخلاقية في الأسرة المثاليّة التي يعدها الإسلام الأنموذج الواقعيّ في الأجواء الأسرية
الصحيحة .
منذ بواكير الحضارة الأولى وريادتها احتاج الفرد للفرد بالزراعة، صيد الحيوانات والتغلب على الصعاب، عاش في القرى فرادى وجماعات متنوعة متقاربة احيانا وتارة اخرى متباعدة جمعتهما اللغة، الحاجات، الزواج والمشتركات الأخرى كسائر الوجودات.
يقول علماء الاجتماع:
الإنسان حيوان ناطق .. والحياة والوجود برمتهما يسيران نحو التكامل من البدايات إلى النهايات .
بالطبع لكل عصر وزمان هناك خصائص بيئيَّة تُطبِّع حياة الأسرة بطبائع مُعينة، بالأزياء، بالغذاء والتعامل مع وجوده وهلم جرا ... من نشاطات اجتماعية .
ثَمَّة قضيّةٌ مُهمة جداً قضيّة( الأسرة والعولمة )، فالتطورات السريعة المتواترة بالحياة الاجتماعيّة، الاقتصاديّة، وعصرالثورة الصناعية و التكنولوجية، جعل الحياة الأسرية تعيش أنماطاً مختلفة عن بواكير الحضارات .. بسبب تشابك الأحداث اليوميّة التي يعيشها الفرد والجماعة، جعلت تلك الأحداث الاقتصاديةّ .. والسياسيّة تتحكم بالأسرة ومعطيات ومؤثرات وتيرة الحياة اليوميّة .. الأنماط الأسريّة كانت مُختلفة عن عقودٍ قريبةٍ حيث كان الجد والجدة هما الخيمتان التي يأوي لهما الزوج والزوجة والأبناء.. فيما عصر اليوم تفرَّد كل الأبناء بزوجاتهم وأسرهم بخصوصية تامّة، بينما كان الأجداد والأحفاد يتآلفون في بينهم بتوافق تام و محيّطهم ومتطلبات الحياة اليسيرة جداً غير المُتكلفة، فيما التحولات الكبرى بعوالم اليوم أدت إلى الانشطار، الهجرة، التشظي، العزلة والاهتمامات الذاتية لكل فرد حسب ميوله السيكولوجية .. النظام الأسري كان يهتم بالجميع من الأطفال إلى الأجداد ، وجودٌ يسودُه التآلف، التصالح، المحبة، التعاون مع الجيران والمحيّط .
وقد اهتم عددٌ كبير من المفكرين والباحثين والباحثات .. بنطاق الزواج، دعم الاسرة ومن يكتب بمجالات عِلم النفس من كلا الجنسين بقضايا الأسرة يناقش تفصيلياً كل الجوانب الحياتية .. المشاكل والعقبات التي يجد الحلول المقنعة
لتجاوزها.
وكتاب المؤلف علي الزاغيني الذي يشمُل كل القضايا الجوهرية التي تهتم بالأسرة، الزواج ، العلاقات الزوجية الصحيحة يدخل ضمن نطاق الثقافة الاجتماعية والمباحث الانثروبولوجية التي تهتم بالشؤون الاجتماعية، وقد تكلَّل سَعيُهُ بهذا الكتاب بدراسة عميقة نافعة من خلال عرض المشاكل ومناقشتها بحكمة لحلحلة الازمات من خلال استشارة عدة اختصاصيين واختصاصيات بالقانون والطب والعلم، فقد ناقش كل مشكلة اجتماعية في ما تخص المرأة وعرض نماذج منها مع افاق وفضاءات الحلول، وهذا يُعدُّ ضمن نسق الكتابات الهادفة الاجتماعية التي تسهم بزيادة الوعي لحل اي مُعضلة تواجه المرأة والأُسرة .... قضايا الحب، الزواج، الطلاق، المشاكل الصحية التي تواجه الازواج، فلقد ناقش كل تلك القضايا التي يعاني منها بعض الأزواج والزوجات مع إيجاد المخارج التي تمثل الأقلُّ ضرراً بالتقريب بين الزوجين في مشكلة تواجههما في الحياة .