في انتظار التغيير ..

اسرة ومجتمع 2019/03/09
...

عدوية الهلالي
غالبا ماتفرض المقارنة نفسها بين امرأة الامس وامرأة اليوم كلما يمر الاحتفال بعيد المرأة، وعلى الرغم من تفاوت الآراء مابين انحياز للماضي وتأييد للحاضر، تحتسب نقاط عديدة لصالح عملية التغيير واولها قدرة العراقيين على المقارنة بحرية بين الزمنين ..وقد عايشت المرأة العراقية هذه الاشكالية التاريخية كونها جزءا من المجتمع ونصفه الفاعل طوال سنوات القهر والمعاناة، كما انها واصلت وتواصل البحث عن مكان يوازي طموحها في ساحة الحياة الجديدة، اذ كان يكفيها في البدء ان تحظى بحرية التظاهر والتفكير والانتماء للجمعيات والمنظمات النسوية والأحزاب المختلفة ، لكنها ومع مرور السنوات، اكتشفت ان اطلاق صوتها والمطالبة يحقوقها لم يرتقيا لطموحها، طالما ان مشاركة المرأة في العملية السياسية التي تعد من أبرز انجازاتها لاتجد لها صدى وتاثيرا كافيا في ظل رفض العديد من السياسيين بلوغ المرأة المقاعد القيادية وتأييدها لها ظاهريا، فضلا عن تنصل المسؤولين عن دعم المراة المقهورة من خلال سن قوانين تحميها من تقاليد المجتمع البالية ونظرته القاصرة ، فهي لاتزال تحتمي بظل الرجل الذكوري، لأن اغلب الرجال يركنون المرأة في مواقع الطاعة والتهميش ويبعدونها عن المشاركة الحقيقية في بناء المجتمع وتغييره عبر ارهاقها بالمتاعب الاجتماعية والاقتصادية، خاصة وانها خرجت من مخاض المرحلة السابقة واللاحقة اما ارملة او معيلة لأسرة كبيرة العدد او فاقدة لأبنائها او عملها..!
لقد قدمت المرأة العراقية طوال عقود تضحيات جسام بفقدانها زوجها واولادها في جبهات القتال او المقابر الجماعية، كما تعرضت لأقسى انواع البطش والتعذيب والحرمان والعوز، فانتظرت الكثير من المرحلة الجديدة ، ولأن الارث كان ثقيلا جدا، فقد حملت المرأة معها متاعبها المتوارثة لتلقيها على كاهل الحكومة الجديدة ولازالت بانتظار الحصول على حلول جذرية لها لتتمكن من القيام بدورها الحقيقي في البناء والتغيير، فهي اما ارملة لاتريد مواصلة مشوار السعي وراء راتب الرعاية الاجتماعية الفقير لاعالة اسرتها بعد فقدانها المعيل او خريجة تتمنى لو حظيت بفرصة عمل تنقذها من بطالة مابعد التخرج ، وربما تكون معنفة تحلم بتفعيل قوانين تحميها وتحفظ كرامتها ..وفي كل الاحوال فهي امرأة تناضل لانتزاع الموروثات والمخلفات البالية العالقة في عمق التركيبة الاجتماعية والتي تجعل دورها ثانويا وتنتهك من كرامتها كشريك اساسي في المجتمع ..انها تنتظر مع كل عيد للمراة أن يغادر المسؤولون دائرة التنظيرات والدراسات ويعملوا على وضع ستراتيجية شاملة تعتمد على العمل والتطبيق الفعلي على ارض الواقع ..فهل ستنتظر طويلا ؟...