أقيم يوم الجمعة الماضي، حفل افتتاح مؤسسة {إيشان للثقافة الشعبية}، وهي إحدى المؤسسات الثقافية غير الحكومية التي اعتمدت ضمن منظمات المجتمع المدني حسب شهادة التسجيل الممنوحة من قبل الأمانة العامة لمجلس الوزراء/ دائرة المنظمات غير الحكومية، الرقم IR2104006 والصادرة بتاريخ 11/ نيسان /2021 م.
ابتدأت الفعالية الاحتفالية بقيام الحضور من الأدباء والمثقفين المهتمين بالتراث الشعبي، وفي مقدمتهم شيخ الفولكلوريين العراقيين الأستاذ (كاظم سعد الدين) بافتتاح مكتبة الدكتور (علي حداد) التي ضمت أكثر من أربعة آلاف كتاب ومجلة وضعها في خدمة المؤسسة. لينتقل الحاضرون بعدها إلى قاعة المؤسسة مبتدئين حفلهم ـ الذي أدارته الدكتورة إيمان الكبيسي.
وتضمن البرنامج تلاوة من آيات الذكر الحكيم وقراءة النشيد الوطني العراقي، لتأتي بعد ذلك كلمة رئيس المؤسسة
(د. علي حداد) التي رحب فيها بالحضور الأكارم، وأبان جوانب من مسعى التأسيس واشتغاله، مشيراً إلى ما في البيئات العراقية المتنوعة من الثقافة الشعبية الفاتنة التي لا تزال تتنفس حضورها بيننا، متمثلة في ما يسرد، أو يتغنى به، أو في ما نعايشه اعتقاداً وممارسة سلوكية متبناة، حتى أمسى تقصي حضورها وكشوفات توظيفه في الممارسة المجتمعية الماضية والراهنة ـ منطلقاً للحديث عن (التراث والتغيير الاجتماعي) و(خصوصيات الهوية) و(التأصيل الثقافي) و(طبائع البيئة والمكان) وما يمكن لهما أنْ يرسخاه من تكيف سلوكي وقيمي.
واستذكر الدكتور الحداد جهود الباحثين العراقيين في مجال الدراسات الشعبية ـ أولئك الذين زين أحد جدران قاعة المؤسسة بصورٍ لنخبة طيبة منهم ومن أجيال مختلفة ـ ومساعيهم النبيلة لجمع هذا الموروث الخصيب وتوثيقه ودراسته ومحضه ما يستحقه من الرصد والتناول والتدارس. ورأى أنَّ هذه الجهود النبيلة لم يتح لتواصلها أنْ يتسع مدده ويترصن وجوده، لتؤسس في ضوء متحققه مراكز ومؤسسات عراقية تعنى به وتوطد كشوفه على أسس منهجية علمية رصينة، كما هو معمول به في مختلف بلدن
العالم.
وأضاف: {واليوم ـ ونحن نعايش هذا الإجحاف الذي تعانيه الثقافة الشعبية العراقية والمشتغلون في رحابها فإنَّ أي مثقف منصف ورصين الوعي
لا يمكن له إلا أنْ يكون في صف الداعين لأنْ تنال هذه الثقافة ما هي جديرة به من صدق النوايا وجدية التوجه في البحث والتقصي والتدارس، وذلك هو وجهة تيقننا ومسعانا من خلال مؤسستنا (مؤسسة إيشان للثقافة الشعبية) التي نريد لها أنْ تكون واحدة من الخطى الجادة نحو تلك الغاية السامية.
وتناول الدكتورمازن قاسم مهلهل (نائب رئيس المؤسسة) في كلمة لاحقة ما يتعلق بمسارات عمل المؤسسة وأهدافها التي تتمثل في: جمع وتوثيق ودراسة الثقافة الشعبية العراقية في مختلف مجالاتها من آداب وفنون ومظاهر ثقافية أخرى. ـ إشاعة الوعي المجتمعي بقيم هذه الثقافة وأصالتها وإنسانيتها وتنوع مضامينها الباهر.ـ التأكيد على المنجز الشعبي كونه يتمثل قيم الهوية العراقية ويرسخ الانتماء الوطني من خلالها. ـ السعي الى اعتماد مضامين الثقافة الشعبية ضمن الدراسات الأكاديميَّة أسوة بمعظم البلدان العربية والعالمية التي تعنى بها. ـ إعداد الملاكات الشابّة التي تواصل العناية بالثقافة الشعبية ودراستها مستقبلاً. ـ الاحتفاء بأجيال من الباحثين العراقيين في هذا المجال والتذكير بما أنجزوه من جهود
نبيلة.
أما وسائل تحقيقها فتتحدد في: ـ أرشفة الثقافة الشعبيَّة وتوثيقها في مختلف مجالاتها، لا سيما المجالات غير المادية منها. ـ تهيئة الملاكات الجادة التي تعنى بالثقافة الشعبيَّة العراقية توثيقاً ودراسة، لتواصل ما رسخته دراسات أجيال من الباحثين العراقيين في هذا المجال. ـ العمل مع المؤسسات الحكومية المعنية وتقديم الخبرة والمشورة في مجالات الثقافة الشعبية المختلفة. ـ عقد الندوات والمؤتمرات واصدار النشرات المتخصصة، وصولاً إلى الطموح بإصدار مجلة علمية في مجال الثقافة الشعبية. ـ التواصل مع المنظمات العربية والعالمية المعنية بالثقافة
الشعبية.
ثم قرئت رسالة الأستاذ باسم عبد الحميد حمودي التي بعثها إلى المحتفلين حملها التهاني وأبدى اعتذاره عن الحضور بسبب وضعه الصحي، وفي ما يلي نصها: {السلام عليكم ورحمة الله نحتفي معكم هذا المساء الطيب بافتتاح مؤسسة جديدة ومهمة من مؤسسات التراث الشعبي العراقي هي (مؤسسة أيشان للثقافة الشعبية التي يقودها واحد من كبار المشتغلين في هذا الحقل المعرفي المهم هو الاستاذ الدكتور (علي حداد) رعاه الله. قام الاستاذ علي حداد ببناء تفاصيل هذه المؤسسة الفكرية لبنة لبنة وصرف عليها من ماله الكثير، ونقل اليها مكتبته الثرية الخاصة لتكون معيناً للباحثين في حقول التراث الشعبي الكثيرة.
وقد كان الهدف من تأسيس هذه المؤسسة الثقافية السعي الى جمع وتوثيق مواد الثقافة الشعبية العراقية في شتى المجالات وهو سعي مشكور بدأه البناة الأوائل لبحوث الفكر الشعبي وكان في مقدمتهم الرائد الكبير لطفي الخوري الذي صنع لنا مؤسسة صغيرة من مؤسسات البحث في الفولوكلور العراقي امتدت إليها يد الإهمال والإقصاء فضاعت كل موادها في ثمانينيات القرن الماضي بعد تقاعد الخوري. اليوم إذ تأخذ (مؤسسة أيشان) الزاهرة على عاتقها تجسيد الخطوة العملية الأولى في حقول الدراسات العراقية الفولوكلورية فذلك يوجب علينا جميعاً التعاون معها من أجل بلوغ الغاية المرتجاة في هذا المسعى النبيل. تحية لجمعكم الخير في هذا المجال وألف باقة ورد للأستاذ المؤسس الدكتور علي حداد وهو قد ضحى بالكثير من أجل (ايشان) والفكر الشعبي العراقي.
والأمل كبيرٌ بالنجاح المؤزر بتضافر جهودكم وسعيكم المستمر من أجل تحقيق أهداف (ايشان) النبيلة لخدمة الثقافة الشعبية العراقيَّة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركات".
جرى بعد ذلك تقديم باقات من الورود مهداة من الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، وقدمها وفد الاتحاد، ومن نقابة أطباء الأسنان، وقدمها الدكتور (يحيى قاسم)، وثالثة من منصة بغداد/ اليونسكو قدمها الدكتور سعد التميمي.
تلت ذلك فقرة موسيقية تراثية جميلة شارك فيها الأستاذ ستار الناصر بعزف وغناء ممتعين على العود. كما قدم خبير طب الأسنان وجراحته التجميلية الدكتور يحيى قاسم عزفاً على آلة (البزق) وغنى بعض المقاطع من الفولوكلور العراقي في بيئاته المتعددة. وختمت الفعالية بتعقيبين للدكتور عقيل مهدي والأستاذ علي الفواز اللذين أبديا إعجابهما بالجهود المبذولة في تأسيس هذه المؤسسة الواعدة، وقدما بعض المقترحات التي يمكن لها أنْ تنهض بعمل المؤسسة مستقبلاً. وكان الختام كلمة شكر وامتنان من قبل رئيس المؤسسة الدكتور علي حداد للحاضرين جميعاً، مرحباً بهم أعضاءً أساسيين في عمل المؤسسة
المقبل.