خير جليس

الصفحة الاخيرة 2021/12/11
...

جواد علي كسار
لستُ متأكداً أنه لا يزال كذلك، بعد أن دفعته عن عرشه الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي، وراحت تنافسه الألعاب الالكترونية وبقية وسائل اللهو على شبكة المعلومات العالمية، مضافاً إلى أدوات هدر الوقت وسرقته في حياتنا، مثل الهاتف النقال وغير ذلك.
ما يُنشر من أرقام عن معدلات القراءة في العالم العربي، تدفع إلى شيء غير قليل من الإحباط، عن مصير الكتاب. فحتى لو ذهبنا مع المشككين بالأرقام التي تذكر أن معدلات القراءة في العالم العربي لا تتجاوز بضع دقائق (تحديداً ست دقائق)، وإن ما يقرأه الإنسان في هذه المنطقة لا يزيد على الصفحة الواحدة سنوياً، فإن الحقائق المتواترة لواقعنا في القراءة وإنتاج الكتاب، مقارنة بالآخرين، تنذر بالشؤم.
أجل، المؤشرات الرقمية خلال السنوات الأربع الماضية، سجّلت تقدّماً للمحور الآسيوي، على حساب الإنسان الأوربي في معدلات القراءة، فقد بلغت في الهند ما يزيد على (10) ساعات أسبوعياً، وفي تايلند (9,24) ساعة، وفي الصين (8) ساعات، وفي اندونيسيا (6) ساعات وهكذا. 
لكن في المقابل شهدت حركة إنتاج الكتاب تلكؤاً كبيراً في العالم العربي، إذ تشير بعض الإحصاءات إلى أن معدل الإنتاج السنوي بلغ (1650) عنواناً، مقابل (85) ألفا في أميركا. كما هناك أيضاً انكفاء في كمية المطبوع، إذ رأيتُ بنفسي كتاباً مهمّاً عن إشكالية العلم في الحضارة الإسلامية، لم تزد كمية المطبوع منه على (500) نسخة فقط، مع أنه صادر عن وزارة التعليم العالي في بلد المؤلف؛ بل أصبح مألوفاً الآن طبع الكتب بمائة نسخة، وبخمسين نسخة، وقد حصلت بنفسي على كتاب مهم في استقراء الفكر السياسي الإسلامي خلال مئة سنة، لم تتجاوز نسخه العشر نسخ فقط!
لكن مع ذلك تنتشر ومضات الأمل من حولنا، فقد سجل اتحاد الناشرين الأميركان، بأن إجمالي مبيعات الكتب في أميركا بلغ نحو (26) مليار دولار لسنة 2019م، كان نصيب الكتب الورقية منها مبلغ (22,6) مليار دولار.
والحقيقة إن معارض الكتاب، ومعها معرض بغداد الحالي، هي إصرار شجاع على مواجهة التحدّيات، وتوسيع رقعة الأمل من حول الكتاب وثقافة القراءة!.