مجلس النواب يبدأ فصله الثاني بمناقشة سبل دعم مكافحة الفساد

الثانية والثالثة 2019/03/09
...

بغداد / الصباح 


عقد مجلس النواب، أمس السبت، جلسته الاولى من الفصل الثاني للسنة التشريعية الاولى بالدورة الانتخابية الرابعة برئاسة محمد الحلبوسي، وحضور 285 نائبا، وشهدت الجلسة استضافة رؤساء الجمهورية والوزراء ومجلس القضاء الاعلى لمناقشة آليات مكافحة الفساد، بينما صوت على قرارين نيابيين بهذا الشأن.
تشريع القوانين
وأفاد بيان للدائرة الإعلامية لمجلس النواب، تلقته "الصباح"، بأن رئيس البرلمان رحب، في مستهل الجلسة، بـ"النواب لمناسبة بدء جلسات الفصل التشريعي الثاني"، وبين أن "الحكومة ارسلت 13 مشروع قانون من اجل اقرارها"، داعيا الى "الاسراع بتشريع القوانين وبذل الجهود لخدمة ابناء الشعب العراقي".
من جانب اخر، ادى حسين جاسم اليمين الدستورية عضوا في مجلس النواب بعد موافقة النواب على اضافة هذه الفقرة على جدول الاعمال.
واستضاف المجلس كلا من رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ورئيس هيئة النزاهة وكالة عزت توفيق ورئيس ديوان الرقابة المالية وكالة صلاح نورية.
وفي مستهل الاستضافة، رحب الحلبوسي بالحضور في الجلسة الاولى من الفصل التشريعي للمجلس.
 
إصلاحات جذرية
وبمناسبة بدء الفصل التشريعي الثاني، تلا رئيس الجمهورية كلمة امام المجلس اثنى فيها على الدور المهم والحيوي لمجلس النواب رئاسة وأعضاء في النهوض بعمل المؤسسة التي تعد عماد المنظومة الدستورية والممثلة للشعب، معبرا عن تمنياته ببذل الجهود والمزيد من العمل للتعبير عن تطلعات الشعب ورغبته في قيام المجلس بأعماله التشريعية والرقابية.
وشدد صالح على اهمية الاقدام على اصلاحات جذرية وجدية خاصة ان بعضها تأخر اكثر مما يجب ومنها الاعمار والخدمات ومكافحة الفساد، مشيرا الى ان الانتصار الذي تحقق على تنظيم داعش الارهابي مهم ولكن من الواجب ترسيخ النصر وتكريسه خاصة ان خطر الارهاب مازال ماثلا.
وأضاف رئيس الجمهورية ان الظروف الحالية تتطلب عملا تضامنيا وتكافليا بين السلطات وخاصة التشريعية والتنفيذية، مؤكدا اهمية دعم الحكومة وتذليل كافة الصعاب من امامها لتقوم بدورها الحيوي في البناء والاعمار وحفظ الامن والتعبير عن السياسة الخارجية الموحدة.
ولفت الرئيس صالح الى ضرورة اكمال الكابينة الحكومية والشروع بمكافحة الفساد كونه المسؤولية الاخطر التي لا تقل اهمية عن محاربة الارهاب، مبينا ان الفساد كالإرهاب يعيق البناء والتطوير مما يتطلب ايجاد تشريعات مهمة لاستعادة الاموال المهربة والمسروقة وتعزيز العمل بين مجلس النواب والحكومة والقضاء.
وطالب صالح بتفعيل الدور الرقابي وفقا لأسس متحررة من الدافع السياسي، لافتاً إلى ان امام الحكومة مسؤولية حصر السلاح ضمن الجهات المخولة ودعم اجراءاتها في هذه المهمة لتحقيق الامن وتحفيز المستثمرين لبناء البلد وتوفير فرص العمل وترسيخ البنية التحتية وايجاد بيئة استثمارية مثالية لاسيما اننا امام مسؤولية اعمار المدن المدمرة بسبب الارهاب واعادة النازحين والسعي لتأهيل وبناء البصرة من اجل القضاء على البطالة.
وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة الاهتمام برعاية وتأمين حقوق عوائل الشهداء، وبينما أشار إلى نيته الاستفادة من الصلاحيات الدستورية لتقديم مشروعات قوانين مهمة منها انصاف عوائل شهداء سبايكر وتسوية ملف مدينة كركوك، نبه بأن التحولات الكبرى تتطلب التحلي بروح المسؤولية والابتعاد عن السجالات الضيقة خصوصا ان مجلس النواب قادر على تحقيق انتقالة في هذا المضمار.
بعدها ناقش المجلس توحيد الجهود بين السلطات من اجل مكافحة الفساد الاداري والمالي.
ولفت رئيس مجلس النواب الى ان العراق عانى خلال السنوات الماضية من الارهاب والفساد، مبينا ان العراقيين تمكنوا من دحر الارهاب بوحدتهم وحان الوقت للوقوف بوجه الفساد الذي يمثل الافة الثانية التي تفتك بمؤسسات الدولة، ودعا الى جهد وطني وشعبي متكامل وتوحيد الجهود بين السلطات كافة من اجل القضاء على الفساد.
 
مكافحة الفساد
من جهته، قال رئيس مجلس الوزراء، في كلمته خلال الاستضافة: ان الفساد ذو تأثير مدمر في التنمية والاستثمار، موضحا ان الحكومة قطعت اشواطا لاتخاذ اجراءات تعزز النزاهة ومكافحة الفساد.
وبين عبد المهدي ان حجم وتداعيات الفساد خطيرة كونها تنخر مؤسسات الدولة وعطلت التنمية والاعمار وساعدت على نمو الارهاب وانتشاره، منوها بأن تراكم مسببات الفساد منذ العقود السابقة والحصار الاقتصادي وبعض السياسات الخاطئة المتبعة ساهمت بانتشار الفساد.
ولفت عبد المهدي الى اتخاذ الحكومة خطوات على الصعيدين الوقائي والردعي من خلال تقديم الدعم للأجهزة الرقابية وخاصة هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية وتقديم العون الفني والمالي لهما ومراجعة سياستهما بما يتوافق مع المرحلة الراهنة مع تكليف الوزارات والجهات غير المرتبطة بوضع برامج وخطط عمل لإظهار اولوياتها ورصد النتائج وتقييمها من خلال الاجهزة الرقابية.
وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى ان الحكومة شرعت بإعداد ستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الفساد بمشاركة الوزارات والجهات الحكومية حيث تعتزم كل من هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية تقديم المسودة الاولية لها، ودعا في هذا الاطار النواب الى المشاركة في انضاج الستراتيجية، مشيرا الى بدء الحكومة بتنفيذ الخطط الكفيلة باسترداد الاموال المنهوبة في الخارج.
وأكد عبد المهدي ان تفعيل المجلس الاعلى لمكافحة الفساد يمثل امتدادا لعمل المجلس الذي تم تأسيسه في 2007 وحمل اسما اخر ليتولى التنسيق بين اجهزة مكافحة الفساد وتوحيد جهودها والتنسيق بين السلطة التنفيذية والتشريعية حتى تثمر النتائج سياسة موحدة ومنسقة لمكافحة الفساد.
وأضاف عبد المهدي أن المجلس ليس بديلا عن الاجهزة المختصة بمكافحة الفساد، مؤكدا ان الحكومة ستعالج ملف تهريب النفط والمنافذ الحدودية وخاصة في محافظة نينوى فضلا عن المحافظات الاخرى، كما شدد على ان مكافحة الفساد باتت تمثل قضية دولة وشعب مما يتطلب السير بخطط ناجحة للوصول الى نتائج ايجابية.
 
تفعيل دور البرلمان
من ناحيته، اكد رئيس مجلس النواب عزم المجلس على تفعيل الدور الرقابي والتشريعي لمكافحة الفساد، منوها بان المجلس مستعد لاستقبال مشروعات القوانين التي ترغب بارسالها الحكومة من اجل النظر بتعديلها بما يسهم في مكافحة الفساد.
وركزت مداخلات النواب على اهمية رفع الغطاء السياسي للفاسدين وتوحيد الاجهزة الرقابية في تشكيل واحد يتم تشريعه من خلال مجلس النواب واعادة هيكلة المؤسسات المختصة بمكافحة الفساد وتوفير البيئة القانونية لمكافحة الفساد واعادة النظر بها واشاعة ثقافة النزاهة فضلا عن الدعوة الى تشكيل محكمة مختصة شبيهة بالمحكمة الجنائية لمعاقبة المفسدين مع اهمية تفعيل قانون الادعاء العام.
وشددت المداخلات على اهمية تأسيس مجلس الاعمار الاعلى، والتركيز على ملفات الفساد في محافظة نينوى لتجنب اعادة انتاج بيئة مناسبة للتنظيمات الارهابية واعادة تفعيل لجنة العقود الكبرى واعتماد مبدأ الشفافية لمساعدة المؤسسات الرقابية في اداء عملها فضلا عن اهمية كشف المسؤولين في الدولة عن ذممهم المالية وتوفير الحماية القانونية للأجهزة الرقابية واعداد برامج من قبل وزارتي التربية والتعليم لتكون مناهجا دراسيا.
وانصبت المداخلات على اهمية فك ارتباط مكاتب المفتشين العامين عن الوزارات لتكون بعيدة عن التحزب وان تكون الاجراءات المتخذة سريعة لمكافحة الفساد فضلا عن ضرورة حسم اسماء من يشغل منصب رئيس هيئة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة المالية اضافة الى ايقاف اطلاق سراح من ثبت عليه اختلاس المال العام، وتطبيق اجراءات مكافحة الفساد بطريقة سرية وليست علنية لضمان سير العمل فضلا عن تفعيل نظام الحوكمة الالكترونية للحد من قنوات الفساد والعمل على تشكيل قوة امنية لتنفيذ الاحكام القضائية بحسب ما ورد في البرنامج الحكومي، والعمل على اختيار مئة شخصية معروفين بالشجاعة والكفاءة والنزاهة وتوزيعهم بين المحافظات مع توفير الحماية اللازمة والصلاحيات والمخصصات لهم.
 
حلول قضائية
من جانبه، طرح رئيس مجلس القضاء الاعلى حلولا لمعالجة مسالة الفساد الاداري من بينها الحاجة الى تدخل تشريعي من قبل مجلس النواب لإعطاء هيئة النزاهة القضايا الخاصة بالفساد وتترك للمحاكم الاخرى مسؤولية القضايا التي تخص الجرائم البسيطة واعادة النظر بصياغة العقود الحكومية والاليات والمعايير المعتمدة لاختيار المرشحين للدرجات الخاصة واحترام التخصص في القضايا القضائية، مؤكدا حرص القضاء على مكافحة الفساد بكل اشكاله.
بدوره، طالب رئيس هيئة النزاهة بالوكالة القاضي عزت توفيق بمراجعة مجمل الملفات المتعلقة بالفساد، منوها بان هيئة النزاهة تعمل على ملفات العقارات والمنافذ الحدودية وتشريع قانون من أين لك هذا؟ والاموال المهربة والمشاريع المتلكئة، حاثا مجلس النواب على اعادة النظر في القوانين التي كانت سببا في ضعف مكافحة الفساد.
من جهته بين رئيس ديوان الرقابة المالية بالوكالة صلاح نوري ان الديوان باشر في متابعة وتدقيق الرواتب التقاعدية واتخاذ الاجراءات اللازمة لمتابعة اليات الرقابة ومعالجة العديد من العقبات ومن بينها النقص في المدراء العامين.
وفي رده على مداخلات النواب، أكد رئيس مجلس الوزراء بدء تنفيذ العقود بالتنسيق مع وزارة التخطيط وفتح قنوات مع مجلس مكافحة الفساد لاستلام المعلومات من المشتكين دون اللجوء الى الاساليب البيروقراطية، مبينا عقد مجلس مكافحة الفساد لعدة اجتماعات ركزت على معالجة عمل المفتشين العامين ووضع اليات جدية للتعامل مع مختلف ملفات الفساد في جميع المحافظات.
 
مراجعة القوانين النافذة
ولفت عبد المهدي الى وجود حاجة ملحة لمراجعة القوانين النافذة وتعديلها وخاصة التي فيها تقاطعات تعرقل مهمة مكافحة الفساد، مشيرا الى الحاجة الماسة لتعاون السلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) لكسب ثقة الشعب، وبينما حث على عدم التعويل على النفط كمصدر وحيد للدخل وانما تنويع المصادر لدعم الموارد المالية، داعيا الى تحقيق تنمية وتنويع فرص الاستثمار من خلال تهيئة بيئة مناسبة.
واوضح رئيس مجلس الوزراء ان التنسيق الايجابي بين مجلس النواب والحكومة سيحقق نتائج مثمرة ومنتجة لصالح ابناء الشعب في هذه المرحلة الحساسة، مشيرا الى ان الحكومة انجزت الحسابات الختامية لكل الموازنات المالية باستثناء عام 2014 لعدم وجود موازنة مالية وقتها والسعي لتقديم تلك الحسابات الى مجلس النواب قريبا بعد حسم الرأي بشأنها.
من ناحيته، ابدى رئيس مجلس النواب استعداد المجلس لاجراء تعديلات على أي قانون يسهم بمكافحة الفساد وخاصة القرارات الصادرة عن مجلس قيادة الثورة المنحل، داعيا رئيس مجلس الوزراء الى ارسال اسماء المرشحين لشغل منصب رئيس هيئة النزاهة ورئيس ديوان الرقابة المالية ونوابهما الى مجلس النواب في غضون شهر.
بعدها صوت المجلس على قرار نيابي ينص على أن (على الحكومة اعتمادا على المادة 5 (أ) و (ب) من قانون الموازنة العامة الاتحادية توفير المبالغ اللازمة لدعم السلطة القضائية وتوفير كافة المتطلبات اللازمة لتعزيز اجراءات مكافحة الفساد بما فيها توفير الدرجات الوظيفية لمجلس القضاء الاعلى وتخصيصها للادعاء العام).
كما صوت المجلس من حيث المبدأ على الغاء مكاتب المفتشين العموميين وتفعيل دور الادعاء العام.
واشار الحلبوسي الى ان مجلس النواب سيأخذ على عاتقه تعديل قانون مكاتب المفتشين العامين او الغائها، موجها اللجنة المالية باستضافة هيئة المنافذ الحدودية من اجل الوقوف على اسباب عدم تطبيق التعرفة الجمركية احيانا في اقليم كردستان وموانئ البصرة.
بعدها تقرر رفع الجلسة الى يوم غد الاثنين 11/3/2019.