اختبر نفسك

اسرة ومجتمع 2019/03/10
...

حسين الصدر 
- 1 -
ما من مؤمن عاقل الاّ وهو يتطلع بلهفة الى معرفة حاله وموقعه عند ربه فهل هو مرضيٌّ عنه ؟ أم هو من المغضوب عليهم ؟
وهل هو قريب منه ؟ أم هو بعيد عنه ؟
ومن الواضح :
ان الشوط الاول من الحياة هو أقصر الشوطيْن ، وأن العبرة بالمآل يوم يقوم الناس بين يدي رب العالمين .
 
- 2 -
وليس من الصحيح ان يترك الباب مفتوحاً أمام التخرصات والحسابات المغموسة بالنرجسية ، ولا بُدَّ من الاحتكام الى معايير موضوعية ، بعيدة عن كل الحسابات الخاطئة والسؤال الآن : هل ثمة من معايير منصوص عليها شرعاً في هذا المضمار ؟
 
- 3 -
والجواب :
نعم،هناك ثلاثة معايير ذكرت في نص مروي عن الامام الصادق عليه السلام جدّدت الطريق لمعرفة القرب من الله واليكم النص :
ثلاثة هم أقرب الخلق الى الله عزّ وجلّ يوم القيامة حتى يفرغ من الحساب :
رجل لم تدْعه قدرتُه في حال غضبه الى أنْ يحيف على من تحت يديه . ورجل مشى بين اثنين فلم يمل مع احدهما على الاخر بشُعَيْرة ورجل قال الحق فيما عليه
والمهم: ان معرفة الحال قرباً أو بعداً من الله مسألة في غاية الأهمية،ذلك ان القريب من الله لابُدَّ ان يحمد الله ويشكره مع ما أولاه من هذه النعمة وان يعمل جاهداً من أجل صيانة نفسه ودينه ليزداد قرباً من الله . 
وأما البعيد فلا بُدَّ ان يسارع لتصحيح مساراته ليبدل سيئاته حسنات...
 
- 4 -
المستفاد من النص ان الانسان الذي يمسك بزمام نفسه ويكبح جماحها من اجتراح الظلم والاعتداء على أحد في حالة الغضب هو أحد الثلاثة المقربين عند الله
لقد استطاع هذا الانسان المدجج بالامكانات، والقدرة على ايقاع الأذى بالغير، في غمرة الغضب المضطرم -، والغضب كما قيل : هو جنون مؤقت-، ولكنه لم يفعل ..!! ،
وبقي متماسكاً حافظاً لتوازنه من الانهيار على غير ما يُرضي الله ورسوله (ص) .
وهكذا نجح في الامتحان ونال وسام الفوز بالقرب من الله تعالى .
 
- 5 -
وممن فاز بالقرب من الله اولئك الذين عصموا أنفسهم من الانصياع لهوى النفس والانحياز لفريق معين على حساب فريق آخر وانحرفوا عن الصراط المستقيم . ان العدل مطلوب في كل الأحوال . وهو يؤهل صاحبه للفوز بوسام القرب من الله أيضاً .
 
- 6 -
ان الانصياع للحق.. والاعتراف به ولو على حساب الذات ، مؤشر بليغٌ في الدلالة على الصدق والصفاء والتدين، ولم يأتِ الفوز بالقرب من الله الاّ بعد النجاح في هذا المخاض العسير .
ان مشكلة المجتمعات الانسانية قديماً وحديثاً، هي أنها ابتليت بالكثير الكثير ممن لم يلزم نفسه بالحقّ اذا كان عليه ، وان كان شرساً في الحصول على ما يزعم أنه حقٌ له ..!!
 
- 7 -
وأتعس الأمثلة على ذلك هم المحترفون السياسيون، وتراهم رغم الفشل الذريع، ورغم ما تكبدت به البلاد من كوارث وخسائر بسبب سياساتهم المرتكبة، يصمون آذانهم عن الاستماع الى كلمة الحق ، ويصرون على المكابرة الممجوجة...
وانهم الخاسرون في الدنيا والآخرة لو كانوا يفقهون