باسم عبدالحميد حمودي
قال رواة سيرة عنترة عن شيبوب شقيقه في النص المنسوب للأصمعي:
{هذا آفة الزمان، هذا محنة العربان, هذا مخرّب الدور والقصور، هذا أبو الدواهي والأمور, هذا ابو الحيل الواصلة والأقاويل الفاصلة...» وتلك صيغ مبالغة اعتاد درجها رواة السير الشعبيّة ليعطوا للعناصر المساعدة في السيرة الشعبيّة نوعا من الألق والتفرّد.
شيبوب هذا كان صعلوكا شريدا, حسن التدبير والحيل, يستطيع بمكره ودهائه تخليص أخيه (عنترة) من المآزق التي يقع فيها, وهو بذلك يختلف عن صنعة التابع التي تجسّدت في شخصية سانشو بانزا، الحكيم والأبله معا الذي يقوم مقام الشخصية المساعدة في رواية (الدون كيخوته) أو (الدون كيشوت دي لامنشا) للروائي الشعبي الاسباني ميغل دي سرفانتس مبتدع الإطار العام للفارس الحالم الأحمق الذي أحب واهما وقاتل الطواحين في سبيل إعلاء مجد الفروسية الغابر وحبه لفاتنته العجوز, في رحلة مغامراته الغرائبية المرحة.
واذا كانت الفروق عديدة بين أجواء شيبوب الدرامية وسانشو بانزا كتابعين للشخصيتين الرئيسيتين وبين عنترة, الفارس الذي عرف مايريد، والدون العجوز الذي كان يعيش أحلام الفروسية الفردية الذاهبة مع قيام الدولة الحديثة في اوروبا القرن الثامن عشر, فإن ذلك التقاطع بين الشخصيتين المساعدتين ناتج عن رسم الدور الشعبي الذي قامت به كل شخصية, وهو دور لا يتماشى مع دور الشخصيات الثانوية في ملحمة (المياسة والمقداد) القصيرة ولا في تفاصيل الشخصيات الثانوية الكثيرة في ملحمة (السيد) الاسبانية وبطلها القشتالي دي بيبار، إذ نجد ذلك التباين بين ضعف الشخصيات الدرامية الثانوية في الملحمة القشتالية وقوة تأثير شيبوب في (عنترة) وبانزا الحالم في (الدون كيخوته).
إننا هنا نؤشر الى خطوط عامة لدراسة الفروق بين الشخصيات آملين أن يتصدى الشباب الباحثون في دراسات الثقافة الشعبية المقارنة لها مستقبلا.