بغداد: الصباح

 

وأخيراً هدأت روحه وتخلص من آلام جسده المنهك، الذي غزته الأمراض، بعد صراع طويل مع المرض امتد لسنوات عديدة، ليغادر حياتنا الفانية الفنان الكبير عامر توفيق الاسبوع الماضي، عن عمر ناهز 73 عاماً، في بغداد.

وبعد رحيله، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي تنعى وترثي وتتحسر على وفاته، وهي ردة فعل انسانية لأغلب الفنانين العراقيين الذين أخذوا يتساقطون كأوراق الخريف تحت سطوة رياح الاهمال والنسيان من قبل مؤسسات الدولة والجهات النقابية والدوائر المعنية بالثقافة والفنون.  

شكل الفنان عامر توفيق حالة استثنائية في حياته وفنه، فهو من أهم الاصوات العراقية والعربية القادرة على اداء جميع الالوان والقوالب في الموسيقى العربية، ويمتلك خامة صوت عذبة وقوية ويتمتع بمساحة صوت واسعة تصل الى ثلاث «أوكتافات».

وأشاد الموسيقار منير بشير بامكانياته الأدائية والصوتية وقال «عامر توفيق من الاصوات المهمة في فرقة الفنون الشعبية، وقادر على اداء جميع الالوان والقوالب الموسيقية مثل «الدور»، و «الموشح ، و»القصيدة»، و «المقام

العراقي». 

وقد مثل العراق في الكثير من المحافل الدولية وجاب العديد من الدول العربية والاجنبية مع فرقة الفنون الشعبية، التي كان يرأسها الموسيقار منير

بشير.

ولد الراحل في بغداد العام 1949 بمحلة باب الشيخ، وتأثر بالموسيقار محمد عبد الوهاب، ودخل الفن عبر بوابة برنامج «ركن الهواة» في سبعينيات القرن الماضي، ثم انتقل الى فرقة الموشحات وهو صغير، وبعدها أصبح مطربا في فرقة الفنون الشعبية، وفي فترة الثمانينيات انضم الى فرقة المسرح العسكري، وكان صديقا مقربا من الفنان كاظم الساهر.

وعندما زار الفنان السوري الكبير صباح فخري العراق في العام 1979 وأحيا حفلات عدة في بغداد، غنى الفنان عامر توفيق القدود الحلبية وبعض المقامات امام الفنان صباح فخري، وعندما انتهى من الغناء، ذهب صباح فخري اليه وقبله من حنجرته، لفرط اعجابه

بصوته.

اشترك الراحل ببرنامج «ذا فويس» على قناة mbc وهو بعمر 64 عاما، وأثار اعجاب جميع أعضاء لجنة التحكيم ودهشتهم، وضمه الفنان عاصي الحلاني الى فريقه، ثم  تم استبعاده من البرنامج !، وقد أخبرني الفنان عاصي الحلاني شخصيا، ان ادارة البرنامج قررت اخراجه من البرنامج احتراما لعمره الفني، فهو فنان كبير ونحن نتعلم منه، والبرنامج خصص للمواهب الشابة، ومن غير اللائق أن يتنافس معهم.

وفي لقاء معه اجراه مجيد السامرائي قال الراحل «عشت فقيرا وسأموت فقيرا، ولا ابالي إن ظلمت أو انصفت».

عامر توفيق حنجرة غنائية طربية كبيرة لو سلطت الاضواء عليه ومنح الاهتمام الذي يستحقه لأصبح أحد رموز الغناء العربي مثل صباح فخري ووديع الصافي ولطفي ابو شناق.. رحمه الله.