استجواب المحافظين

آراء 2019/03/10
...

سلام مكي
 
القرار الذي صدر مؤخرا عن المحكمة الاتحادية والذي تضمن عدم دستورية مادة في قانون مجلس النواب وتشكيلاته تخول مجلس النواب استجواب المحافظين، جاء في وقت يثار فيه سؤال مهم، حول الآليات القانونية التي يتم من خلالها محاسبة المحافظين والتحقيق معهم في قضايا الفساد وهدر المال العام. 
قرار الاتحادية جاء تماشيا مع قانون المحافظات غير المنتظمة في اقليم، الذي اعتبر ان استجواب المحافظ او احد نائبيه يكون بناءً على طلب ثلث اعضائه وان طلب الاقالة او التوصية بها يجب ان يكون مستندا الى احد الاسباب وهي عدم النزاهة او استغلال المنصب الوظيفي  والتسبب في هدر المال العام وفقدان احد شروط العضوية والاهمال او التقصير المتعمدين في اداء الواجب والمسؤولية. 
كما منح القانون مجلس النواب صلاحية اقالة المحافظ بالأغلبية المطلقة بناءً على اقتراح من رئيس الوزراء لنفس الأسباب المذكورة اعلاه. اذا: فإن مجلس النواب له صلاحية اقالة المحافظ قبل تشريع قانون مجلس النواب وتشكيلاته، وان الاقالة اكثر قوة واهمية من الاستجواب، لذا: فإن السماح بالإقالة يستدعي ايضا السماح بالاستجواب. المحكمة الاتحادية استندت في قرارها على ان الدستور نص في المادة 61 سابعا ج على ان لعضو مجلس النواب وبموافقة خمسة وعشرين عضوا توجيه استجواب الى رئيس مجلس الوزراء او الوزراء لمحاسبتهم في الشؤون التي تدخل في اختصاصهم ولا تجري المناقشة او الاستجواب الا بعد سبعة ايام في الاقل من تقديمه. 
لذا فإن الدستور اشار الى عضو المجلس وليس الى المجلس ككل، وان عضو المجلس له مركز قانوني يختلف عن المركز القانوني لمجلس النواب، وان واجباته، تختلف عن واجبات المجلس، لذا فإن الصلاحيات التي منحها الدستور لعضو المجلس ليست هي نفس الصلاحيات التي منحت للمجلس. اضافة الى ان قانون 21 نفسه، نص على أحقية مجلس النواب في اقالة المحافظ ولنفس الاسباب التي يحق لمجلس المحافظة اقالتها بموجبها مع اختلاف ان الاقالة يجب ان تكون بناء على توصية من رئيس 
الوزراء. كما ان القانون، اعطى الحق للبرلمان ان يقيل المحافظ بشكل مباشر من دون الحاجة الى استجوابه، بشرط اقتراح رئيس الوزراء على الاقالة، بعد تحقق احد الشروط الواردة في اعلاه، في حين ان قانون مجلس النواب وتشكيلاته، قيد هذا الحق بأن جعل الاستجواب اولا قبل الاقالة. كما ان الاستجواب يشكل قرينة على مدى تحقق تلك الشروط، اذ ان عدم النزاهة او استغلال المنصب الوظيفي، وهدر المال العام، تعني ان المحافظ فاقد للنزاهة، وان فقدان النزاهة لا تثبت على الموظف او المكلف بخدمة عامة الا بموجب قرار قضائي مكتسب درجة البتات، حيث ان تلك الاسباب تنصرف الى التجاوز على المال العام او التسبب بضرر في مصلحة الجهة التي يعمل بها المحافظ، وهذا لا يمكن ان يثبت بناءً على اجراءات ادارية. 
كما ان القانون 21 لم يبين من هي الجهة التي تتولى اثبات تلك الاسباب ضد المحافظ. ان المادة المطعون بعدم دستوريتها، اضافت رقابة جديدة على المحافظين، في وقت يعاني فيه هذا المنصب من عدم وجود رقابة حقيقية تتولى تدقيق اعماله كون انه لا يوجد قانون يبين الجهة التي تتولى محاسبة المحافظ عدا القانون 21 لسنة 2008.