كازاخستان.. حرب الجغرافيا والنفط

الرياضة 2022/01/11
...

علي حسن الفواز
 
ما جرى في كازاخستان من احتجاجات، ومن عنف مسلح، كشف عن الكثير من ذاكرة الأزمات العميقة في الجمهورية السوفيتية السابقة، وعن آلية إدارة نظامها السياسي، ومشكلاتها الاقتصادية، وعن علاقتها الأمنية والاقتصادية بروسيا، وعن طبيعة تأثرها بما يجري في الغرب الروسي، وعلاقة ذلك بحرب التطويق الذي تديره الولايات المتحدة مع حلفائها في "دول صيغة بوخارست" التي تضمّ بلغاريا وجمهورية التشيك وإستونيا والمجر ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا وسلوفاكيا.
خطورة ما جرى من صدامات في مدينة المآتا الكازاخية، لم يكن مفاجئاً للكثيرين، لكن سيطرة المحتجين على مطارها أثار أسئلة بشأن الطابع الخفي لهذه الصدامات المسلحة،  والقوى التي تقف وراء ما حدث من فوضى كبيرة، فدولة غنية مثل كازاخستان، ليس بعيدا أن تتعرّض إلى ضغوط سياسية، وإلى احتجاجات، بسبب تضخم فساد نخبها السياسية، وضعف إدارتها لملفات الخدمات، فكان الارتفاع الحاد في أسعار الغاز المسال الذي يستخدمه الكازاخيون لتزويد سياراتهم هو الشرارة التي أطلقت الاحتجاجات، وهو ما دفع رئيس البلاد لإقالة الحكومة، لكن الأحداث المتسارعة تحولت إلى عمليات عنف اجتاحت عديد المدن، اندفع  فيها المحتجون نحو السيطرة على المؤسسات الحكومية، وحرق بعضها والسيطرة على مراكز أمنية مهمة، وهو ما دعا روسيا وبعض دول منظمة معاهدة الأمن الجماعي إلى إرسال قواتها الأمنية لإعادة ضبط الأمور، والسيطرة على الوضع في المطارات، وعلى المؤسسات الحكومية.
خطورة الأحداث، ترتبط أولاً بمصالح روسيا، فميناء بايكونور الفضائي الكازاخي هو منطقة إطلاق الأقمار الصناعية ورواد الفضاء إلى محطة الفضاء الدولية، فضلاً عن علاقة هذه الأحداث بتداعيات الصراع في المنطقة، لاسيما أنَّ جمهورية كازاخستان تقع في المنطقة المحصورة بين الصين وروسيا، وهذا الطابع الطوبوغرافي يُعطيها تأثيراً جيوسياسياً في الضغط على روسيا والصين في آن معا، كما أنَّ قمع المحتجين بالقوة كشف عن وجود يحمل هواجس سياسية وأمنية، لا سيما بعد إصدار الرئيس الكازاخي قاسم جومارت توكاييف أوامره بإطلاق النار دون سابق إنذار، فضلاً عن كونه يعكس الخشية من ظهور حكومة جديدة لها توجهات معادية ضد روسيا وقريبة من الغرب، كما هو الحال في أوكرانيا..