بغداد: سرور العلي
بحسرة تحتضن نجلاء هشام (25عاماً) صورة والدها الذي يظهر من خلالها وهو يرتدي دشداشة رمادية، وترتسم ابتسامة خفيفة على شفتيه. فرغم مرور ثلاثة أعوام على فقدانه بحادث سير، إلا أن الحزن لا يزال يكسو وجه الفتاة، ويبدو التعب على ملامحها، ومن حين لآخر تحبس دموعها، وهي تتشح بثياب الحداد، وتقول بنبرة باكية: {لم أصدق ما حدث في ذلك اليوم، حين تلقينا اتصالا هاتفيا يبلغنا برحيل والدي على طريق بغداد - الكوت}.
صمتت نجلاء بعد أن غلبتها دموعها ثم استدركت {كان الحادث مأساوياً ومرعباً حيث تحطمت أجزاء كثيرة من سيارته، وحلقت العجلات لمسافة بعيدة".
كان والد نجلاء حينها ذاهباً لحضور عزاء أحد أقربائه هناك، وتحصد تلك الطرق مئات الأرواح سنوياً، بسبب رداءتها، إذ تفتقر إلى الصيانة، وتمتلئ بالحفر والمطبات، وعادة ما يكون معظم السائقين سريعي القيادة ما يشكل خطراً على حياتهم.
وتؤكد نجلاء بتذمر: {نتيجة للأهمال، وعدم الاهتمام بسلامة الطرق، والشوارع راح والدي ضحية لها}.
تقبع نجلاء في غرفة متهالكة، وآثار القدم بانت على جدرانها، وتقول: ان والدها كان المعيل الوحيد لأسرتها، المكونة من ثلاث بنات، ووالدتها المصابة بالسكري والضغط.
في يوم الأحد والثلاثاء تتوجه نجلاء مبكراً إلى الجامعة المستنصرية، إذ تدرس في كلية الأداب هناك، بعد عودة الدوام الحضوري، ولكن تشكو من تدهور حالتها المادية، لا سيما وأن الدراسة والمواصلات تتطلب المزيد من المال.مضيفة {آمل أن أحصل على عمل، لمساعدة أسرتي، وتوفير احتياجات الدراسة، وشراء علاج لوالدتي}.
نجلاء تشعر بخيبة كبيرة من وضع البنى التحتية في العراق، والشوارع غير الصالحة للاستخدام، وتآكلها جراء عمليات ترقيعها بين فترة وأخرى، وتضررها بسبب المركبات الثقيلة، والحمولات الكبيرة، ومن دون إيجاد حلول جذرية لمثل هكذا مشكلة، ستبقى ظاهرة تهدد حياة المواطن.