تونس والرهانات المفتوحة

الرياضة 2022/01/20
...

علي حسن الفواز
تشهد تونس واقعاً سياسياً معقداً، ومفتوحاً على احتمالات متعدِّدة، وتداعيات تضع القوى السياسيَّة أمام معطيات قد تبلغ مرحلة الخطر، والتي تفترض معالجات عملية وسريعة، ومقاربات يمكن أن يتعزّز فيها الحوار الواسع، والتأطير الدستوري، والمكاشفة والشفافية والصراحة، فمنذ أحداث "الربيع التونسي"  والشارع يعيش تحوّلات وصراعات تحمل معها خفايا الماضي السياسي، وأسئلة الحاضر ومقتضياته، مثلما تحمل معها هموم المواطن التونسي الباحث عن العيش قبل الديمقراطية، وهي قضية إشكالية ارتبكت عندها واجهات القوى السياسية التقليدية والأصولية، وكذلك القوى اليسارية والليبرالية، وكأنَّ الصراع بين إرث التاريخ والاستبداد والفساد، وهوية الدولة الجديدة ينهض على إيقاع طبول المتصارعين العالقين بتاريخ السلطة، والباحثين عن وجهٍ  آخر  له طعم ومزاج الحركات القومية العربية، وحركات الجماعات الإسلاموية.
معالجات الرئيس قيس سعيّد قد تبدو للبعض راديكالية، وتعطيل البرلمان تزيد من بِلة طين هذا التعقيد، وتدفع باتجاه إثارة الخلافات مع القوى السياسية الأخرى، لا سيما مع حركة النهضة وقياداتها، والتي كانت هي القوة الأبرز في مرحلة مابعد الربيع، وأن خيار ذهابها إلى خريف سياسي قد يكون صعباً، أو قد يضع الشارع التونسي وسياسات الرئيس سعيّد أمام تعقيدات ليس من السهل تجاوزها، لاسيما مع الإجراءات التحفظية التي أقدمت عليها السلطة الرئاسية والأمنية، والتي أثارت لغطاً اختلط فيه السياسي والأمني والايديولوجي.
إصلاح المنظومة السياسية والاقتصادية ومواجهة الفساد قد تكون شعارات تعمدها الرئاسة لمواجهة تحديات السلطة القديمة، وحتى تحديات الشارع الباحث عن إجراءات ومعالجات واقعية لأزماته الصعبة المالية والخدماتية، لكن استمرار التأزيم والانسداد السياسي يمكن أن يدفع الكثيرين إلى مواقف تهدِّد الانتقال الديمقراطي، وتعوِّق أيَّ مسار حقيقي للتغيير، وما يمكن أن ينعكس على الحريات والحقوق العامة والخاصة، وبالتالي وضع الدولة أمام واقع تتضخّم مشكلاته، وتضيع فيها ملامح الفساد، والقوى التي تغولت عبره طوال عقود، وتحت حكومة ابن علي التي كرّست مفهوم الدولة الأمنية، على حساب 
الدولة المدنية.