عسكرة العالم

الرياضة 2022/01/23
...

علي حسن الفواز
 
العالم يعيش أكثر مراحل العسكرة هياجا، فالحروب تحولت إلى منصات للمناداة بالويل والثبور، والمتحاربون في كلّ الجبهات باتوا يغالون بالعنف والكراهية، وإطلاق العنان لصراعات عسكرية دامية تتجاوز التاريخ إلى الانثربولوجيا، وكأن بعضهم صاروا يستعينون بالأسلحة، لمقاربة ذات الخطاب القديم الذي أشاعه فوكوياما عن نهاية التاريخ، وعن نهاية عصر الايديولوجيا تمهيدا للشروع ببدء عصر قوة السوق والثروة..
ماتت أفكار فوكوياما، بعد الصحوة الروسية العسكرية، وبعد سيطرة الصين على أسواق التجارة العالمية، ليبدأ عصرٌ جديد، هو عصر المنافسة على أسواق السلاح، وبنوايا إشعال الحروب الصغيرة، بوصفها حروبا استهلاكية، تقوم على تضخيم موازنات الأسلحة، وعلى البحث عن تقاناتها الجديدة، الهجومية والدفاعية، برغم تكاليفها الباهظة، وطبيعة حساباتها السياسية والتنافسية. 
اتساع رقعة البحث عن الحلول العسكرية لم يعد شأنا أميركيا، إذ تحولت كثير من الدول إلى زبائن دائمة لأسواق السلاح، وثمة من عاد إلى الاستعانة بالشعارات الثورية عن «كل شيء من أجل المعركة» لتهييج الجماعات، وبوصف المعارك بأنها تخصّ الأمة، والمقدس، وحتى الربيع العربي لم يكن بعيدا عن الأدلجة المسلحة، ولا عن العنف الثقافي والهوياتي، وهو ما ترك الجغرافيا والسياسة والاقتصاد والثقافة نهبا لصراعات تغولت فيها السلفية حدّ التفكير بالإقصاء المسلح للآخر..
قد يصلح التفكير المسلح عنوانا لوقائعنا الغريبة، ولمواجهة تاريخنا المأزوم بصراعات جاهزة لإدامة ذلك التهييج، فرغم شيوع الرعب البايولوجي في العالم مع جائحة كورونا، إلّا أنّ حسابات العنف والسيطرة لم تمنع من التفكير بـ «هواية جمع الأسلحة» فما يحدث في عديد مناطق العالم، يكشف عن احتمالات الرعب، وعن تغوّل مساحتها وخياراتها، وعنف توجهاتها، ولعل آخرها حرب التهديدات بين روسيا والغرب وأميركا بسبب أزمة أوكرانيا، بوصفها الفرصة المثالية للسيطرة على أسواق السلاح والغاز والموانئ، لكن خطورتها تبقى في شهوة لعنتها النووية، وفي ما يمكن أن تصنعه من جبهات ساخنة قد تهدد العالم أجمع وتفتح المزيد من أسواق الأسلحة..