أوروبا ومتغيرات السياسة

الرياضة 2022/01/25
...

علي حسن الفواز
 
هَل يمكن أن تتغير السياسة الأوروبية، وأن تخرج عن عباءة مصالح أميركا وعسكرة الناتو؟ وهل ستبعث هذه المتغيرات شعوراً بأوربة الهوية كما دعا لها الرئيس الفرنسي ماكرون؟ وهل هناك علاقة مابين صعود اليمين في أوروبا وبين بداية حرب باردة بين روسيا والغرب؟ وهل ستتحول عقدة أوكرانيا إلى عتبة تُعيد أوروبا إلى صراع عصر الايديولوجيات؟
هذه الأسئلة ارتبطت بجملة من الأزمات، والصراعات، والتي تمثل بريطانيا أكثر حلقاتها تأثيرا، إذ ارتبطت أغلب أزماتها مع دول الاتحاد الأوروبي بمشكلة بريكست، وبنجاح رئيس وزراء بريطانيا بتجاوزها، وترتبط اليوم بمشكلات صعبة  تواجهها سياسة حزب المحافظين، وعلاقتها بمعايير إدارتها لملفات داخلية لها علاقة بالنزاهة وحُسن السلوك، والتي قد تضع حداً لاستمرار حكومة بوريس جونسون، المحسوب على  خانة أكثر حلفاء الولايات المتحدة وسياساتها، لاسيما في حربها الناعمة ضد روسيا.
التغيّر في السياسة الأوروبية قد يبدو صعبا، بحكم طبيعة المصالح الكبرى مع الولايات المتحدة، ومع سياستها في العالم، وفي مناطق الأزمات، لكن ذلك لا يعني ابتعادها عن طبيعة التحديات الداخلية التي تواجهها، والتي تمثل جائحة كوفيد- 19 قطبها الأول، بسبب تداعياتها الاقتصادية، وتأثيرها في السياسات الوطنية، وإمكانية تطبيق إجراءات التلقيح الإجباري، أو إخضاع المواطنين إلى ضوابط والتزامات تحدّ من حرياتهم، ومن تنقلهم، فضلا عن علاقتها بظاهرة البطالة، وتعقد أنظمة العمل الحرة. 
مع تصاعد الأزمة في بريطانيا، وقرب صدور تقرير "بارتي غيت" فإن متغيرات الواقع، قد تترك أثراً محتملاً، سينعكس حتماً على دول أوروبا، وليس على حكومة المحافظين فقط، لأن طبيعة هذه الأزمة ذات 
بعد أخلاقي، والمشاركون فيها من صقور الحزب، وأن تغيير بنية الحكومة، قد تضع المعارضة العمالية في الواجهة، أو قد تأتي بمحافظين أقل ولاء للسياسة الأميركية، وأكثر اهتماماً بمعالجة الملفات الداخلية التي يعاني منها البريطانيون اقتصادياً وصحياً واجتماعياً، فضلاً عن ضبط إيقاع العلاقة مع دول أوروبا الأخرى في مرحلة ما بعد بريكست، وهي قضايا معقدة ستدفع حتما إلى متغيرات كبيرة، قد تدفع دولاً أخرى للبحث عن حلولٍ ناجعة لمشكلاتها الداخلية الآخذة بالتعقيد.