عوائل داعش في العراق بين القانونِ والإنسانية

ريبورتاج 2019/03/12
...

بغداد / رلى واثق
بعد اربعة اعوام من الحرب ضد عصابات داعش ودحرهم تكونت فئة جديدة في المجتمع العراقي يتمثلون بعوائل داعش موجودين على الاراضي العراقية في مخيمات حتى الان لايعرف مصيرهم، فالخوف ان يكونوا خلايا نائمة لداعش تستعيد نشاطها بمجرد ان تمد الحكومة العراقية يديها بالعون، ولكن الدستور العراقي والمنظمات الانسانية تعطي الحق للعيش في ارضه بسلام، فتشكلت لجان للتعايش السلمي تبنت البحث والتقصي بشأن هؤلاء وتأهيلهم نفسيا ومجتمعيا للاندماج مع المجتمع العراق واتخاذ الاجراءات اللازمة بحق من يثبت ادانته.
وكان للجهات المعنية القانونية وحقوق الانسان واللجان المشكلة رأي في ذلك.
القانون والدستور
مسؤولة منسقية المنظمات المحلية والدولية والهيئات الدبلوماسية في اللجنة العليا الدائمة للتعايش والسلم المجتمعي الدكتورة بشرى العبيدي اقترحت لمعالجة اوضاع "عوائل داعش":
"امكانية منح الجنسية العراقية لكل من ولد على ارض العراق استناداً الى الدستور وقانون العقوبات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق بعده  عراقياً حسب القوانين النافذة، كما ان الدستور العراقي لا يحرم اي مواطن من الجنسية ولا يمنع الجنسية عن اي عراقي سواء من ولد لاب او لأم عراقيين".
وتضيف"ان المجتمع الدولي يعيب على العراق عزلهم في مخيمات باعتبارهم  محتجزين من دون سند قانوني، لكن هذا لا يسمى "احتجاز" بل هم يعدون شهودا محتملين على من ارتكب جرائم من اولادهم او ازواجهم من اعضاء "داعش"، فبعد ان نبذوا وطردوا من قبل مجتمعاتهم وبعضهم تعرض للتصفية بطريقة وحشية، مما يجعلنا نولي اهتماما اكثر بحق الحياة وحمايتهم بدلاً من تقييد حريتهم بقيود انسانية".
وتابعت العبيدي أن" الكرفانات ستحل بديلاً من المخيمات المتواجدين فيها بالوقت الحالي، وتوفير حق الحياة لهم بدلاً من تعرضهم الى عمليات انتقامية وهو اشبه ببرنامج حماية الشهود والضحايا المحتملين، وتهيئة برامج تأهيلية  لاعادة دمجهم في مجتمعاتهم، فضلاً عن تخصيص كرفانات اخرى لتكون مستشفيات ومستوصفات للاهتمام بصحتهم وصفوف لاستيعاب ابنائهم واسواق، وامكانية توفير فرص عمل وقروض للبدء بمشاريع من الممكن ان توفر لهم لقمة العيش، لكن في الوقت نفسه يوضعون تحت المراقبة كجزء وقائي من ان يكون لهم اتصال مع الخلايا النائمة، وهذا حق قانوني ودستوري للحكومة باتخاذ اساليب الوقاية من وقوع جرائم اخرى واستفحال الحركات الارهابية".
واسترسلت العبيدي أن"الحكومة يجب ان تسرع في الوقت نفسه بتعويض الضحايا كجزء من برنامج الحماية والذي يمكن ان يهدئ من روع ذوي الضحايا، مع وجوب العمل على مجتمعات "عوائل داعش" بمساعدة شيوخ العشائر، وكيفية تهيئة تلك المجتمعات لاعادة استقبال تلك العوائل واندماجها معهم".
وتطرقت الى"ان البرامج تحتاج الى مبالغ ضخمة من الممكن ان يسهم في دعمها المجتمع الدولي على اعتبار ان مواطنيها اشتركوا مع "داعش".
 
دراسة ملفات
الخبير القانوني حيدر الصوفي بين أن" التعامل مع "عوائل داعش"يتم وفق القوانين والدستور العراقي بتأسيس قاعدة معلومات عنهم والتحقيق معهم واحالتهم الى القضاء".
ويضيف الصوفي أن" من كانت له مساهمة مع داعش فيحال ويحاكم ويحاسب، ومن تثبت براءته من الاشتراك بالافعال الاجرامية مع تلك العصابات ولم يدعمها بأي وسيلة مادية او معنوية فيتم الافراج عنه وتطبق عليه القاعدة القانونية "المتهم بريء حتى تثبت ادانته".
وبشان تأخير حسم ملفاتهم لغاية الان أكد الصوفي" ان اعدادهم الكبيرة والتدقيق الامني معهم واثبات اشتراكهم بالافعال الاجرامية من عدمه، والادلة المتوفرة عن ذلك واستخدام الاساليب القديمة والورقية في التحقيق وجمع الادلة واستماع الى الشهادات والاستعانة بالتصوير والاجراءات الروتينية والبيروقراطية، وعدم توفر الاجهزة الحديثة ادى كل هذا الى تأخير حسم ملفات تلك العوائل حتى الان". 
 
قتل التطرف
رئيس المرصد العراقي لحقوق الانسان مصطفى سعدون اعتبر أن" معالجة اوضاع "عوائل داعش"خطوة ايجابية ومهمة من قبل المسؤولين عن ملف المصالحتين المجتمعية والوطنية في الحكومة، وفي الوقت نفسه خطوة جريئة تحسب لهم في ظل الازمة والتوتر وردة الفعل المجتمعية تجاه "داعش"وخاصة النساء والاطفال".
وأكد سعدون أن"هنالك عدة آليات واجراءات يجب ان تتبع منها ما يتعلق بكيفية اعادة دمج تلك العوائل مجتمعيا وكيفية ازالة الصورة النمطية من قبل الناس تجاههم، وفي كيفية تثقيفهم بأن هؤلاء ليس لهم ذنب بما ارتكب من جرائم من قبل ابائهم واخوتهم وابنائهم، وفي كيفية نزع الافكار المتطرفة والصور المأساوية التي رسخت في عقول هذه العوائل عندما كانوا في مناطق سيطرة
 "داعش".
ويتابع أنه"اذا ما سارت كل تلك الخطوات بشكل صحيح ووفق اليات رصينة ونصائح وارشادات من قبل خبراء ومختصين بالفعل ستنجح، وتكون هذه الخطوة جزءا كبيرا جدا من مرحلة رأب الصدع الذي يمكن ان يكون في المستقبل بين تلك العوائل والعوائل الاخرى، وبين هؤلاء الاطفال الذي قد يكونوا قنابل موقوتة لاي تنظيم ارهابي،  واذا ما نجحت المصالحة المجتمعية او الحكومة في نزع الافكار المتطرفة من هؤلاء الاطفال فتكون بكل تأكيد قد خطت بشكل كبير في قتل افكار جيل
 متطرف".
 
تأهيل ودمج
عضو المفوضية العليا لحقوق الانسان فاتن الحلفي بينت "اهمية موضوع معالجة اوضاع "عوائل داعش" كوننا بأمس الحاجة لهكذا نوع من الدراسات والبرامج، فالاضطرابات الامنية التي حصلت في المحافظات ولدت الكثيرمن المشاكل الاجتماعية وابرزها "عوائل داعش"، مما يحتاج الى تكييف اوضاعهم القانونية والاجتماعية، ففي الجانب القانوني واجهتنا مشاكل كثيرة في المفوضية منها عدم وجود مستمسكات لتلك العوائل ومنها العراقية التي كانت موجودة داخل البلد، وبات مؤشرا امنيا يوضع بملفاتهم في المؤسسات".
وتابعت الحلفي" ان الضحايا وقدر تعلق الامر بالمتهم من عوائلهم او ذويهم وخلال لقائنا بهم وجدنا لديهم الكثير من المشاكل ومعاناة حقيقية منها عدم استطاعة ابنائهم من دخول المدارس والمستمسكات الثبوتية وصعوبة الحصول على جوازات السفر".
ونبهت الى أن"المفوضية وقفت جدياً على هذا الموضوع عن طريق حضورها مؤتمرات كثيرة اقامتها منظمات مدنية محلية ودولية للنظرفي التكييف القانوني والاجتماعي وبحث الية اندماجهم بالمجتمع، مما حدا بالمفوضية الى الاسراع بإطلاق مبادرة في 2017 لانشاء مراكز تأهيل اندماج مجتمعي لهذه العوائل خصوصا الاطفال عندما تم تجنيدهم وهم من الضحايا كونهم مسيرين وليس مخيرين، وحتى النساء في تلك المجتمعات تكون ضعيفة بسبب تدني التأهيل الاكاديمي او العلمي مما يجعلها مسلوبة الارادة، كما ان "داعش"الارهابي استغل موضوعي النساء والاطفال بشكل كبير في تنفيذ ادواته
 الاجرامية". والمحت الحلفي الى" ان المفوضية حاولت ايجاد التعاون مع الجهات التنفيذية لانشاء مراكز تأهيلية حتى في مجتمعات النزوح المتواجدين فيها لتأهيلهم نفسيا واجتماعيا كونهم يعانون من اوضاع نفسية صعبة تمثلت بتدميرهم نفسياً واجتماعيا خصوصا الاطفال الذين كانوا يرون عمليات الذبح بأعينهم او بعض الاحيان يقومون بتلك العمليات بأيديهم".