أفريقيا ورائحة الانقلابات العسكريَّة

الرياضة 2022/01/27
...

 علي حسن الفواز
 
على طريقة الانقلابات العسكريَّة التقليدية يجلس الضابط الشاب على طاولة، وبيده البيان الأول، محاطاً بضباط غلاظ الوجوه، ليُعلن السيطرة على القصر الجمهوري والتلفزيون الرسمي وتعليق الدستور، والقضاء على الحكومة التي فشلت في توحيد البلد، وفي مواجهة أزمات الفقر والحرب 
الأهلية.
ما ورد هو ما ظهر به الانقلابيون في جمهورية بوركينا فاسو الأفريقية، في الإعلان عن بيانهم الأول، وكأنهم يواصلون لعبة الانقلابات العسكرية في القارة السمراء، والتي بلغت أكثر من 200 انقلاب عسكري منذ الخمسينيات وإلى يومنا، فضلاً عن التشظيات الانقلابية التي حدثت في جغرافيا بعض دولها، كما حدث في السودان وفي إثيوبيا.. 
انقلاب الضباط في بوركينا فاسو يكشف عن طبيعة الصراعات السياسية العاصفة في أفريقيا، وعن ارتباطها بأزمات العسكرة وضعف البنى الاقتصادية، وتضخم أنماط الحكم فيها، لاسيما مع تحديات صعود الهجمات العنيفة للجماعات الإرهابية في غرب القارة ووسطها. هذا الانقلاب ليس بعيداً عن ذاكرة الانقلابات العسكرية التي حدثت في جمهوريات نيجيريا وتشاد، ومالي وغينيا، وفي السودان، ولا عن علاقتها بهشاشة أنظمتها السياسية، وبتعقيد ما تتعرّض له من تدخلات خارجية، والتي تترك آثارها الفاجعة في الاستقرار السياسي، وفي استشراء مظاهر الفساد، والصراعات الداخلية، وحتى في ارتباطها بما تتركه العقوبات الاقتصادية الدولية والإقليمية من أثر سياسي واقتصادي، وتحت يافطة رفض الانقلابات، وتقويض السلم الأهلي، أو التجاوز على بعض الحكومات المنتخبة 
ديمقراطياً.
ظهور الجماعات الأفريقية في الغرب الأفريقي، لاسيما جماعة بوكو حرام، وحركة الشباب في الصومال، يرفع من منسوب الانقلابات العسكرية، ومن خطورة التحديات الأمنية والحاجة إلى ما يسمى بـ"الحكومات القوية" وإضعاف أيِّ توجّه حقيقي للتنمية، وللديمقراطية، والسلم الأهلي، وهذا السبب كان الدافع الكبير للانقلابيين العسكر في تلك الدولة الأفريقية الفقيرة، إذ أكد بيانهم الاول ضعف حكومة الرئيس البوركيني السابق روك مارك كابوري في السيطرة على مشكلات الأمن الوطني، وعلى مواجهة الجماعات الإرهابية..