عن الكتابة

الصفحة الاخيرة 2022/01/30
...

حسب الله يحيى 
الكتابة.. فن مخاطبة الآخرين واقناعهم والتأثير فيهم، الكتابة.. رأي ومعلومة وموقف نخاطب عن طريقها سوانا وليس أنفسنا، بينما البعض من كتابنا يعتقدون أن ما يكتبونه وينشرونه، ملك خاص بهم، ولا يقبلون الجدل ولا المناقشة ولا الرفض، وإن مهمة القارئ الإيمان والتأييد المطلق لما ورد على لسان الكاتب!.
من هنا بتنا نرى أن هنالك من يكتب عروضاً ومراجعات عن كتبه المؤلفة او المترجمة وهذا ما قرأناه في عدد من الصحف والمجلات العراقية، حتى إن البعض بات يباهي نفسه بما كتبه ونشره عن نفسه من دون خجل ولا مراعاة لذهنية القارئ الذي بات يعد كل مطبوع او عرض فني ملكاً خاصاً بذاته، وله الحق في تفسيره وقبوله بوصفه عملاً معروضاً له ولم يعد ملكاً لصاحبه.
نعم .. من حق المرء أن يعتد برأيه ويزهو بمنجزه، ولكن ليس من حقه فرضه على الآخرين، كما لو أنه حق مقدس لا يمكن الاختلاف بشأنه ولا تصويب ما جاء به.
وفي حالات أخرى، نجد أن جميع الأصدقاء الذين يرتبطون مع بعضهم بحميمية الوفاء، يكيلون المدائح لأي واحد من هذا الجمع الذي اتفق على الكتابة الإخوانية من باب الوفاء ورد الجميل.
إن هذه الأساليب المرة والمائعة والمريضة، تنم عن جهل بالكتابة وبوظائفها وأهميتها ونقاء سيرتها، ما يجعل الحاجة إلى مثل هذه الكتابات معدومة بوصفها كتابة خاصة بالذات وبجمع من الأصدقاء، وكان من الأفضل تسليم تلك الكتابة إليهم مباشرة من دون حاجة إلى نشرها على الملأ، وذلك لأن هذا الملأ الذي يقرأ او يرى الأعمال الفنية في المعارض او على خشبة المسرح يصبح من حقه النظر إلى هذه الأعمال على وفق وعيه وثقافته ومنظوره بوصفه قد اقتنى هذا (المنجز) من فنون الكتابة والعروض وبات أمامه أن يتعامل معها على وفق ما يراه سليماً وفاعلاً وأخاداً. إلا أن أصحاب تلك الكتابات وتلك الأعمال الفنية لا يرون أبعد من حدود منظورهم، وكل خارج عن هذه المساحة المحدودة في نظرهم يعد معادياً ومرفوضاً وفضولياً!.