رضا المحمداوي
جاءت تمثيلية (ألو... تكسي) لمؤلفها طلال هادي ومخرجها الشاب يونس لطيف في أول أعمالهِ الدرامية، بقالب فكاهي خفيف، ولم يشأ منتجوها أن يحملوا مضمونها أكثر من ذلك، رغم أن التمثيلية في المشاهد الأخيرة والقصيرة منها أرادت التأكيد على فكرة الأمانة والاستقامة في السلوك الشخصي، وهي الفكرة التي كان يمكن للمؤلف أن يؤسس عليها بناءه الدرامي ويفصح عن معناها بإسلوب درامي أكثر عمقاً ووضوحاً.
إلاّ أنَّ هذه الفكرة أو الثيمة الأساسية قد جاءتْ عابرةً وسريعةً وعارضةً ولمْ يتمْ بناؤها بطريقة درامية مؤثرة، وكذلك لمْ يتمِ التأكيد على رسالتها الأخلاقية المهمة.
غيابُ الحبكة الدراميَّة
والتمثيلية بزمن عرضها الممتد لساعة تلفزيونية كانتْ بحاجة إلى حبكة درامية تجمعُ شتات تلك الشخصيات والأفعال والأحداث المبعثرة والمتناثرة، مثلما كانت بحاجةٍ إلى بناء درامي مُكثّف يَكشفُ الهدف أو الفعل الرئيس لها، فهوية العمل الفني الفكاهي لا تعفيه من أهمية الفكرة وإيضاح المعنى والتأكيد على رسالتهِ الاجتماعية.
تمحّوَرَتِ التمثيلة حول سائق التكسي (صبري) (علي قاسم الملاك) وما يمرُّ به من مواقف ومفارقات بعد شرائهِ سيارة التكسي الجديدة، خاصةً مع اثنين من جيرانه وهما (سعدون) اللجوج ( أسعد عامر) والرجل المريض رشيد (مكي حداد)، وبعدهما مع أربعة من الركاب العابرين وأبرزهم (الحجية) ( عبير فريد)، وصاحب الشركة أو التاجر (أياد الطائي)، الذي ينسى حقيبتَهُ التي تحتوي على أشياء ثمينة في التكسي، ويقوم (صبري) بإرجاعها له كصورة من صور الحفاظ على الأمانة وإعادتها إلى أهلها، وهو الموقف الأخير الذي أرادتِ التمثيلية التأكيد عليه.
وكان يمكن للمؤلف أنْ يستثمر وجود الزوجة (صبرية) ( تماره جمال)، لتكون أكثر حضورا وتأثيراً وتفاعلاً مع زوجها (صبري)، بما يساعد على إنشاء أو تأسيس خط دارمي ثانوي وكذلك يدعم نهوض كلا الشخصيتين بالعمل الفني.
معالجة السلبيات
وبما أنَّ التمثيلية قد اتّخذتْ سائق التكسي محوراً رئيساً لها، فكان يمكن ومن خلال هذه الشخصية الإشارة وطرح العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية، التي يشهدها الشارع العراقي ومعالجتها كوميدياً، فضلاً عن الازدحامات المرورية ومشكلاتها اليومية، وبعض المفارقات التي تزامنتْ مع الإجراءات الصحية المرافقة، لانتشار فيروس (كورونا) الذي ما زال جاثماً على صدورنا.
اجتاز المخرج الشاب يونس لطيف عتبة عملهِ الدرامي الأوّل بنجاح واضح، خاصةً في اختيارهِ وقيادتهِ لطاقم التمثيل من الفنانين المعروفين، وقد عزَّزَ ذلك النجاح بقيامهِ بالمونتاج الرشيق لعمله بيده، وكذلك يُحسبُ جانباً من نجاحهِ في إعدادهِ وإخراجهِ لتايتل البداية الغنائي الراقص (كلمات: آدم، وألحان وغناء:علي الوليد) والذي بدا لنا وكأنّهُ تايتل مسلسل بحلقات متعددة وليس تمثيلية واحدة، إلاّ أنَّ المخرج في جانب آخر وفي ثلاثة مشاهد متباعدة لمْ يكنْ موفقاً في استخدامهِ للأغنية التراثية المعروفة ( جي مالي والي...) سواء في المقطعين الغنائيين منها أو المعزوفة الموسيقية لها.
ويمكنُ لهذه التمثيلية أنْ تكون نواةً أو هيكلا أوّليا لمشروع درامي بعدة حلقات ولأكثر من موسم درامي.