الارتفاع الوهمي لايرادات المنافذ الحدوديَّة

آراء 2022/01/31
...

  د. كاظم محمد بريسم العقابي 
 
نتابع بشكل يومي الأنشطة التي تصرح عنها هيأة المنافذ الحدودية والهيأة العامة للجمارك والمتمثلة في ضبط المخالفات التي غالبا ما تسبب هدرا في المال العام، والتي كان لها الاثر الايجابي على الايرادات المتحققة، الامر الذي اكدته هيأة المنافذ في اكثر من تصريح، واشارت له ايضا في تقرير الاداء الحكومي الصادر في حزيران الماضي من انها حققت زيادة كبيرة في الايرادات، كما اكدت الجمارك انها حققت في عام 2021 زيادة في الايرادات الجمركية بنسبة 15 % عما تحقق في عام 2020 ، حيث بلغت الايرادات لعام 2021 تقريبا 1001 مليار دينار، اما في عام 2020 فكانت الايرادات 863 مليار دينار، علما ان الجمارك صرحت في وقت سابق أن ايراداتها الجمركية لعام 2020 بلغت 1017 مليارا، الامر الذي يعد تناقضا في التصريحات. 
فما حقيقة ارتفاع تلك الايرادات؟. وهنا أود أن أوضح نقطتين مهمتين:
الاولى: الرسوم الجمركية لعام 2021 حسبت بالدولار وبسعر صرف يساوي 1460 دينارا في حين احتسب سعر صرف الدولار في عام 2020 بقيمة 1190 
دينارا. 
 الثانية: مقارنة الايرادات في عام 2021 مع ايرادات عام 2020 اعطت نتائج مضللة لأن عام 2020 يعد عاما استثنائيا بسبب الظروف الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا.
 الجدول ادناه يبين الايرادات الجمركية للسنوات
ونلاحظ ان الايرادات الجمركية (بالدولار) لعام 2021 انخفضت بنسبة 20 % عن عام 2020 وبنسبة 23 % عن عام 2019، اما عن عامي 2018 و2017 فقد انخفضت بنسبة 52 % و34 % على 
التوالي. 
وعلى الرغم من ان الايرادات الجمركية للسنوات 2017 و 2018 قد ارتفعت ارتفاعا كبيرا مقارنة بالسنوات التي سبقت سنة 2017 (سنة تأسيس هيأة المنافذ)، لم تستثمره الحكومة من خلال تقديم الدعم الكافي لضمان استمرار النجاح، بل حدث العكس حيث عملت بعض الجهات الحكومية على اعاقة عمل الهيأة من خلال تعطيل العديد من القرارات الحكومية وعدم تنفيذ التوجيهات التي تصدر عن السيد رئيس مجلس الوزراء والتي تصب في صالح المنافذ، وعلى الرغم من أن الاعاقة التي مارستها بعض الجهات تعد فسادا اداريا، إلا أن هذه الجهات لم تخضع للمسائلة القانونية، ورفعت ضد الهيأة العديد من الدعاوى القضائية بدعوى انها مارست انشطة هي ليست من اختصاصاتها، الا أن القضاء رد جميع هذه الدعاوى لان إجراءات هيأة المنافذ كانت متوافقة مع القانون، ومن الملفت للنظر انه على الرغم من توسع مهام هيأة المنافذ لتشمل جميع المنافذ البحرية والجوية، وعلى الرغم من النقص الحاد في الموارد فقد تمكنت الهيأة من احكام الرقابة والسيطرة على الدوائر العاملة في المنافذ الحدودية والذي نتج عنه زيادة كبيرة في الايرادات مقارنة بالسنوات السابقة، ففي عام 2018 بلغت الايرادات الجمركية 1692 مليار دينار، ورغم هذا النجاح الذي تحقق فقد واجهت هيأة المنافذ الحدودية حملة اعلامية واسعة شنت ضدها من قبل الذين تضررت مصالحهم، وكان ينبغي من الحكومة والبرلمان أن يقدموا الدعم الكامل للهيأة لضمان استمرار وديمومة 
النجاح. من الواضح أن ايرادات 2021 انخفضت بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة وعلى الرغم من هذا التراجع في الايرادات الا اننا لم نعد نسمع تلك الاصوات التي كانت تنطلق من القنوات الفضائية لتهاجم الهيأة وادارتها، ترى ما الاسباب التي ادت الى تحول ملف المنافذ من ملف ساخن الى ملف 
هادئا.؟ 
 
مستشار المعهد العراقي للاصلاح الاقتصادي