{فرق خبرة} ونجاح التجربة الأولى

الصفحة الاخيرة 2022/01/31
...

  صفاء الليثي 
المنتجان محمد حفظي وشاهيناز العقاد يتعاونان معاً بعد تجربة {ريش} الفارقة، ويقدمان السيناريست شريف نجيب مخرجاً شاباً في عمله السينمائي الأول ويدفعان بالمطرب والممثل محمد الشرنوبي في البطولة الأولى له في السينما، كان أداء الشرنوبي قد لفت انتباهي في مسلسل {أفراح القبة}، الذي نجح فيه  المخرج محمد ياسين بتوجيهه ليصبح منافساً قوياً مع ممثلين أقدم منه وأثقل خبرة، ولكن المخرج الشاب شريف نجيب لم ينجح في جعله يتجاوز فرق الخبرة مع محمود البزاوي ومع الكاتبة الممثلة هبه يسري التي برعت في المشاهد القليلة التي جمعتها معه، وبالطبع مع دلال عبد العزيز، فكان فرق الخبرة في الأداء واضحاً بينهما، وقبل رحيلها كانت قد قدمت عدة أدوار لافتة كأم في فيلم {قلب أمه} وفي مسلسل {ملوك الجدعنة}
 وهنا في فيلم "فرق خبرة" أم مصرية بملامح رسمها الكاتب الشاب بتوفيق كبير، ونجح شريف نجيب في التعبير عن علاقة الشاب ناجي مع سلمى مؤكداً أن العلاقة بين شاب وفتاة يمكن أن تتخطى حاجز الجنس وألا تنحصر فقط في هذا التلهف من جانب شاب والإعراض من جانب فتاة، بفارق خبرة بين فتاة منفتحة ولها تجارب سابقة مع شاب منغلق ليست له تجارب مع الجنس، كانت رغبة ناجي أكبر من مجرد رغبة لخوض تجربته الجنسية الأولى مخالفاً صديقه الكوميديان الظريف طه دسوقي المهووس بالجنس بشكل مراهق وذكوري كغالبية الصورة النمطية عن اندفاع الشباب في تجاربهم الأولى، خالف شريف نجيب النمط السائد عن انكسار الفتاة وتبعيتها للرجل، ورسم شخصية سلمى مقدامة تستقبل الشباب في بيتها، للعمل أو في لقاء أصدقاء، وتركز على تحقيق حلمها بالحصول على منحة للسفر والدراسة. وعلى مستوى الشكل اختلفت ملامح البطلة ذات الوجه المستدير والملامح الدقيقة، أنف كما النبقة وفم قد السمسمة كما كانت توصف ملامح الجمال قديماً، واختلفت مقاييس الجمال وتغيرت بقدر تغير اللهجة العامية، فالممثلة هدى المفتي بشعرها الطبيعي غير المصبوغ وملامحها العادية هي نموذج الجمال للفتاة المصرية والعربية المعاصرة، وهذا ما افتقده وجه محمد الشرنوبي الذي لم ينجح عبر أدائه في التعبير عن الشاب المعاصر شكلا وأداء، ورغم تخطي شريف نجيب نمطية تصوير العلاقة بين الشاب والفتاة، وقع في تنميط شخصية الطبيب النفسي وأظهره موتوراً يحتاج هو نفسه للعلاج، وسبق أن شاركت هدى المفتي في مسلسل "هذا المساء" للمخرج تامر محسن كأول ظهور تلفزيوني لها ولمعت في دور نادين، وهناك فارق آخر يظهر في الفيلم في اختلاف طرق التربية بين الشرائح المختلفة للطبقة الوسطى، بين ناجي الذي تربى لأسرة محافظة، وأم متسلطة خوفاً على أفراد أسرتها، وسلمى التي تربت في بيئة منفتحة تسمح لها بالعيش في منزل مستقل بمفردها، صحيح أننا لم نشاهد أم سلمى في أي مشهد ولكن يمكن استنتاج الاختلاف من حديث سلمى عنها ومن معلومة أنها تودع أموالا في حسابها حين تلمس إخفاقها في كسب المال، لم ينتصر الكاتب المخرج لأي من الطريقتين في التربية حين أظهر أزمة سلمى في الارتباط العاطفي بالطبيب المتزوج، اذ سرقت كلبه عطفاً عليه من الحبس، وأزمة أعمق لناجي ابن الطبقة الوسطى المحافظة بمشكلاتها التقليدية وإخفاقه في تحقيق الاستقلال العاطفي عن أسرته متجاوزاً مشكلات أمه وأبيه، تقع سلمى أثناء ممارسة حريتها في مشكلات مع ارتباط مؤرق وغير متكافئ، وبدون تدرج في التحول، يثور ناجي فجأة على صاحب العمل الذي يضغط عليه فيقدم استقالته، ويحصل على سكن مستقل عن أسرته يطل على منظر جميل على نيل القاهرة، ولم يهتم صانع الفيلم كثيراً بتفاصيل كيفية الحصول على سكن فاخر كهذا، وترك الاستنتاج للمشاهد حين زرع معلومة أن مرتبه مدخر لدى الأم التي تحفظه له، يبدو أن أحد شروط الإنتاج الحديث الابتعاد عن إظهار الحواري والمنازل المهدمة أو العتيقة، فكل الأماكن التي تظهر معبرة عن طبقات مستريحة ماليا ولا تعاني من أي مشكلات، فمشكلاتها فقط في اختياراتها وفي تحقيق مسار لطريقها، خاض ناجي تجربة حياة فيها قدر من الفشل وخرج منها بشخصية غير متعجلة كما يقول للفتاة التي استقبلها في بيته، ولم يندفع اليها جسدياً "انت مش مستعجلة، فترد مش مستعجلة"، وهناك أيضا انتصار لقيم محافظة تناسب فيلما يندرج تحت نوع الرومانسية بلمسة كوميدية، رغم وجود رسائل المحمول، ومواقع التواصل التي انجرف إليها الأب أيضا في محاولة لم تكتمل لإقامة علاقة خارج الزواج، علاقة لم تكتمل لانتباه الأم وجهدها في الحفاظ على تماسك أسرتها. المخرج شريف نجيب سيناريست مصري، من مواليد مدينة القاهرة عام 1981، تخرج في كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 2003، ثم التحق بمدرسة فانكوفر للسينما في كندا لدراسة المؤثرات البصرية والرسوم المتحركة وتخرج فيها عام 2005، ثم عاد مجدداً إلى القاهرة مكرسًا وقته منذ ذلك الوقت للكتابة، وقام شريف بتأليف فيلمين لمخرجين آخرين، ويقدم تجربته الأولى في "فرق خبرة" الذي أجده مبشراً بمخرج معاصر يعبر عن أزمة حالية للشاب المصري من دون أن يقتبس من عمل أجنبي.