استقلال السلطــة القـضـائيــَّة

آراء 2022/01/31
...

  كاظم عبد جاسم الزيدي
تنهض دعائم العدالة والمساواة في أي بلد كان، وفي ظل أي نظام قانوني من بين ما تنهض بها من اجراء المحاكمات بصورة عادلة، عن طريق محاكم متخصصة ومستقلة ومحايدة ومشكلة بموجب القانون، ويقصد باستقلال القضاء ألا يخضع القضاة والمحاكم في الدولة لسلطان أي جهة أخرى.
 
وأن يكون عملهم خالصا لإقرار الحق، والعدل خاضعا لما يمليه الشرع أو القانون والضمير دون أي اعتبار آخر، وإن تحقيق العدالة في المجتمع يتطلب أن يكون القضاء حرا مستقلا، إذ لا يمكن تصور إحقاق الحق وإقامة العدل بغير أستقلال القضاء وإذا كان العدل أساس الملك، فإن استقلال القضاء هو اقامة العدل، وهناك علاقة متلازمة بين استقلال القضاء في البلد وتمتع الافراد بالحقوق والحريات، فاستقلال القضاء ضمانة جوهرية للحقوق والحريات وبالنظر لما للمبدأ من أهمية في مختلف الأصعدة وما يرتبط به من استقرار سياسي واجتماعي في البلد، كان لا بد من الاعتراف به والنص عليه في صلب الدستور والقوانين والنص على أي مبدأ من المبادئ القانونية في الدستور، لهو اعتراف بعلوية هذا المبدأ وقطع السبيل أمام التعرض له من قبل السلطة التشريعية، كونها لا تملك صلاحية قوانين تخالف أحكام الدستور، وقد نص الدستور العراقي النافذ لعام 2005 على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وتصدر احكامها وفقا للقانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء وشؤون العدالة، وإن القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ويستلزم استقلال القضاء أن تكون له وحده دون غيره الولاية على نظر جميع الدعاوى ذات الطبيعة القضائية، وأن يكون بمقدور القضاة القيام بوظيفتهم القضائية بأقصى درجات النزاهة والحياد، بعيدا عن كل أنواع التأثير والضغوط السياسية، حيث نصت المادة (98) من الدستور العراقي على أنه يحظر على القاضي وعضو الادعاء العام الجمع بين الوظيفة القضائية والوظيفتين التشريعية والتنفيذية أو أي عمل آخر، ويحظر على القضاة الانتماء الى أي حزب أو منظمة سياسية أو العمل في أي نشاط سياسي، ومن ضمانات استقلال السلطة القضائية المتلقة بإدارة السلطة القضائية من قبل مجلس القضاء الاعلى بعيدا عن السلطة التنفيذية، وهذا ما نصَّ عليه الدستور العراقي. 
حيث نصت المادة (90) من الدستور على أن: (يتولى مجلس القضاء ادارة شؤون الهيئات القضائية وينظم القانون طريقة تكوينه واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه)، ويمارس مجلس القضاء ادارة شؤون القضاء والاشراف على القضاء 
الاتحادي. 
وقد أصدر المشرع العراقي قانون مجلس القضاء الاعلى رقم (45) لسنة 2017، حيث نصت الأسباب الموجبة لإصدار القانون بغية تنظيم طريقة تكوين واختصاصات وقواعد سير العمل في مجلس القضاء الاعلى، بما يتلاءم والتطورات الحاصلة في المجال الدستوري والقانوني والقضائي في العراق، وبغية ممارسته لصلاحياته المنصوص عليها في الدستور، كما إن من ضمانات استقلال القضاء هو الاستقلال المالي، وذلك بأن يتم تخصيص ميزانية مستقلة للسلطة القضائية. حيث يتولى مجلس القضاء الاعلى اقتراح مشروع الموازنة السنوية للسلطة القضائية، وإن استقلال القضاء هو شرط رئيس ومهم للإصلاح ومكافحة الفساد الاداري والمالي، وتأكيد بأن استقلال القضاء هو ضمانة للشعب وحماية للحقوق والحريات.