محمد صالح صدقيان
يجمع عديد المهتمين بالشان الأميركي وجود ضعف في أداء الادارة الأميركية الحالية لأسباب تتعلق بالأجواء، التي تحيط بادارة الرئيس جو بايدن والانقسام السياسي في المجتمع الأميركي، والذي ظهر جليا خلال الهجوم علی مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني/ ينايرعام 2021؛ الامر الذي انعكس علی مختلف القضايا الرئيسية التي تهم الولايات المتحدة
ويقول السفير دينس روس المساعد الخاص السابق للرئيس باراك اوباما والذي يعمل حاليا في معهد واشنطن إن الادارة الأميركية الحالية مكبلة اليدين في العديد من القضايا الجوهرية، التي تهم الولايات المتحدة بسبب الانقسام السياسي الحاصل في الداخل الأميركي، والذي ينعكس علی الموقف الأميركي حيال مختلف القضايا التي تحتاج الی حزم ورعاية أميركية حازمة.
لم يذكر روس ماهية هذه القضايا التي تحتاج الی حزم ورعاية أميركية، لكن الاكيد أن المفاوضات النووية التي تجری في فيينا هي إحدی هذه القضايا، خصوصا انه كان قد دعا في وقت سابق من العام الماضي الی المزيد من التشدد مع الجانب الايراني وممارسة اقصی الضغوط من اجل اجبار ايران علی تقديم المزيد من التنازلات، كخطوة لازمة لاحياء الاتفاق النووي المبرم مع ايران عام 2015.
يبدو أن الفريق الأميركي المفاوض الذي يرأسه روبرت مالي لا يميل كثيرا الی افكار دنيس روس، وهو يعمل من اجل اقناع الايرانيين علی احياء الاتفاق النووي وفق الامكانات المتوفرة والاجواء التي تحيط بالادارة الأميركية؛ الامر الذي انسحبت الفوضی التي تعيشها السياسة الخارجية للادارة الأميركية الی داخل الفريق المفاوض في فيينا، ما حدا بالرجل الثاني في هذا الفريق ريتشارد نيفيو، اضافة الی عضوين آخرين من اعضاء الفريق الانسحاب والعودة لواشنطن.
الايرانيون يعرفون جيدا ماذا يريدون؛ وهم وضعو أهدافهم جيدا في ازالة العقوبات والتحقق من هذه الخطوة، اضافة الی الضمانات التي طالبوا بها حتی لا تتكرر خطوة ترامب عندما انسحب من الاتفاق النووي عام 2018 وفرض عقوبات اقتصادية في حالتها القصوی علی الشعب الايراني.
لا أحد يعتقد أن هناك ضمورا في القوة الأميركية العسكرية والمالية، لكن بالتاكيد هناك ضعف في اداء الادارة وضعف في توظيف هذه القوة لتعزيز المصداقية الأميركية في العالم، وهذا ما دعا الرئيس جو بايدن القول إنه يعمل من أجل اعادة المصداقية الأميركية في المجال الحيوي الأميركي.
بعد ثماني جولات من المفاوضات سواء في عهد الرئيس الايراني السابق حسن روحاني او عهد الرئيس الحالي ابراهيم رئيسي، فإن هذه المفاوضات وصلت الی نقطة تحتاج كما يقول الايرانيون الی "قرارات سياسية" يجب أن تُتخذ من قبل الادارة الأميركية لحل القضايا العالقة من أجل إحياء الاتفاق النووي. المعلومات تحدثت عن حاجة الجانبين الايراني والأميركي لفرجة زمنية تتيح لهما العودة لعواصمهم واتخاذ ما يمكن اتخاذه من قرارات، من أجل إحياء الاتفاق النووي، وهذا ما تمَّ اتخاذه يوم الجمعة الماضي لإفساح المجال التفكير جليا بعواقب انهيار المفاوضات.
الجانب الايراني يبدو أنه اكثر ارتياحا بعدما نظّم وضعه الاقتصادي مع الصين وروسيا، بعيدا عن نتائج المفاوضات النووية علی الرغم من حاجته الماسة الی الغاء العقوبات الاقتصادية وفتح التبادل المالي مع البنوك الايرانية؛ اضافة الی المشكلات التي تعاني منها الادارة الأميركية والتحديات، التي تواجهها في المواجهة السياسية والامنية والعسكرية مع روسيا علی خلفية اوكرانيا.
وتشير المعلومات الی أن الجانب الايراني اشار مؤخرا بايجابية للطلب الأميركي بفتح الحوار المباشر مع الجانب الأميركي، لكنه اشترط احراز تقدم في المفاوضات واستلامه لمؤشرات واقعية وعملية علی تغيير السلوك؛ الامر الذي اعتبرته الخارجية الأميركية "اقتراب المفاوضات من مراحلها النهائية التي تتطلب قرارات سياسية".
دخول قطر علی خط المفاوضات والزيارة التي قام بها وزير خارجيتها لطهران قبل ايام من لقاء محتمل لأمير قطر تميم بن حمد ال ثاني مع الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن، وفّر لطهران شرح موقفها من المفاوضات وقضية تبادل السجناء وهي الفرصة الاخيرة لواشنطن، التي تستطيع أن تنقذ فيها المفاوضات وتوفر الاجواء لجلوس وزيري خارجية ايران والولايات المتحدة علی طاولة واحدة لبحث جميع القضايا العالقة بين البلدين.
قد يظنُّ البعض أن ايران مضغوطة اقتصاديا وأنها بحاجة لاتفاق. ربما كان ذلك صحيحا الا أن الصحيح ايضا أن الولايات المتحدة ومعها المجموعة الغربية بحاجة ايضا الی اتفاق مع ايران، لاسباب متعددة تتعلق بالوضع الداخلي الأميركي؛ وبالوضع في الشرق الاوسط؛ وفي نهاية المطاف "قضايا امنية وسياسية" متعددة تهم جميع الاطراف المعنية بالمفاوضات النووية.
.