علي لفتة سعيد
على الرغم من أن الصراع السياسي في العراق يبدو غير مرحّب به، ولا يختلف عليه اثنان.
ولكن ايضا من الجانب الآخر علينا أن نراه من منظور ونافذة الموضوعية فنقرأه إنه صراع سياسي، من حقّ أي حزب أن يخوضه.
ورغم أن في العراق تعددت الاسماء للأحزاب وباتت تجمّعاتٍ وكتلًا وإطاراتٍ تضمُّ أحزابا، وهو أمرٌ غير محمود، لأنه يشترط في العمل الحزبي أن يكون هناك كيان واضح ومعروف الـهداف والمنهج، لكي يتم استقطاب
الجماهير،
وهو ما يغيب عن الفعل السياسي العراقي الذي تختلط فيه التوجهات مثلما تختلف طرق سلوك العمل السياسي الذي يتحوّل في الكثير منه الى صراع شبه مسلح أو
مسلح.
لكن الأمر لا يخلو من الصراع أيضا تحت هذه العناوين التي لا بد أن تكون طبيعية.
فالأحزاب تتصارع للوصول الى السلطة من أجل تحقيق أهدافها التي تصب في صالح الشعب.
وبعيدا عن الهدف الأخير لأن الشعب لم يلمس هذه الفاعلية والأحقية، ولكن ما يهم أن التدريب الحزبي لابد أن يتصاعد في تفاعلاته وطرقه وسلوكه الذي يحتم على أن يكون العمل جماهيري أكثر منه
حزبي.
وما يحصل في العراق لو أن الأحزاب انتهجت العمل السياسي فحسب، كما يحصل في المجتمعات الجديدة إذا ما اعتبرنا أن المجتمع العراقي مرّ بعدة أطوار منذ تأسيسه كدولة عضو في الأمم المتحدة، فان الطور الأخير الذي حصل بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 يعد طورا ناشئا للأحزاب التي كانت قبل هذا التاريخ أحزاب معارضة جوالة في الدول لتحقيق أهداف تختلف عن أهداف العمل السياسي وهم في السلطة، وكذلك الأحزاب الجديدة التي تشكّلت بعد هذا
التاريخ.
ولذا فإن التجربة هي التي تحصن الأحزاب وتجعلها (تفرزن) بين العمل الحزبي والعمل في
الحكومة.
وتجعل عملها كونها جزءا من الدولة ليس كما هي حين تستلم
الحكومة.
ولأن الحكومة لدينا لها شقّان تنفيذي وتشريعي، فإن الاستفادة من التجارب يعني تحقيق عملية الفصل بين العملين،
لذا عليها أي الأحزاب أن تُفهم التابعين والمؤيدين بمنهجية العمل الحزبي، من أن الحزب حين يكون خارج
السلطة، فإنه عمله تنظيم للأعضاء وحين يكون على رأس السلطة أو مشارك فيها فان عمله يكون للبلاد كلها وليس لسحب المكاسب لها.
ومن هنا فإن الانتخابات الأخيرة هي فرصة ذهبية لجميع الأحزاب لمعرفة أين وصلت قواعدهم وأين وصلت خططهم ومناهجهم حينها يكون بالإمكان تدارك الخسارات في العمل السياسي، الذي يتطلّب الفصل بين العمل الحزبي والعمل الوطني العام.