ملامح الغزو الثقافي وتأثيره في المشهد السياسي العراقي

آراء 2022/02/02
...

   أ. د. جاسم يونس الحريري*
 
يراد بالغزو الثقافي قيام مجموعة سياسية بالهجوم على الأسس والمقومات لدولة من الدول بقصد إحلال سياسة التفكيك والتركيب، حيث تعمد المجموعة الغازية إلى أن تحل معتقدات وثقافات جديدة مكان الثقافة والمعتقدات الأساسية. 
وفي هذه الفترة يمر العراق بحالة من الشد والجذب السياسي حول طبيعة المشهد السياسي القادم، خاصة في تركيبة الحكومة المقبلة وشخصية رئيس الوزراء في ظل صراع مرير بين الكتل السياسية، بحيث تغلبت المصالح الحزبية والشخصية على المصالح العامة مما يتيح للغزو الفكري استخدام هذه القضية وتوظيفها في أطار تأجيج الموقف الداخلي العراقي، وايجاد الوقيعة بين الكتل السياسية والعمل على فقدان البوصلة السياسية التي يتطلب توظيفها خوفا من الانزلاق في مهالك الاصطدام السياسي، فيعمل الغزو الثقافي في العراق على رصد التطورات السياسية وتعميق الخلافات السياسية وإعطاء صورة مفبركة للواقع السياسي على أنه في طريقه نحو الانفجار، وهذه غاية الغزو أحداث الفتنة والبلبلة السياسية وتصوير الأمر على أنه صراع، من أجل البقاء السياسي لأطول فترة وتغييب الجامع الوطني في الطروحات السياسية والحفاظ على سيادة العراق لجعل الأمور مرتبكة وغير شفافة.
وهذا جوهر الغزو الفكري المعادي للعراق.ويحاول الغزو الفكري من جانب آخر التحرك بالآليات المحلية منها ((التصريحات التغريدات الخطب السياسية)) للسياسيين وتحريف وقطع أجزاء منها، سعيا لنشرها وكأنها مشوهة وتستهدف الواحد للآخر عبر استخدام التضليل وتزييف الوعي بقصد قلب الحقائق وتشكيل العقل وفق املاءات وشروط الهيمنة الخارجية، وهذا نوع من انواع ما يسمى بـ((احتلال 
العقل)).
 
* أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية