المرض العضال

آراء 2022/02/02
...

  شمخي جبر
 
منذ تشكيل مجلس الحكم الذي كان البذرة الاولى للتحاصص والتقاسم والفرقة والتشرذم،  والنمو الخطير لكل ماهو عدو لوحدة المجتمع ومكوناته، يزداد يوم بعد آخر في ظل نخب سياسية تعمل لمأسسة التحاصص والتوافق الاثني.  فأصبح تراص المكونات وصلادة بنيانها أهم بكثير من الوحدة الوطنية التي تم تناسيها وإهمالها، وإن حرص البعض ورفع صوته عاليا في الدفاع عن هذا البيت المكوناتي او ذاك، فهي كلمة حق يراد بها مأسسة جدران الفرقة وهدم وخنق انفاس التوحد ولم الشمل، ومحاولة تكميم أي صوت داعيا للوحدة فيتهم بأنه ينال من وحدة البيوت المكوناتية.
وحدة البيوت المكوناتية تستمد قوتها من جسد وحدة الكل المجتمعي فتتماسك لتنال منه. فأصبحت مظلة من لا مظلة له وحصة من لا حصة له ولا استحقاق. 
إنها هرولة الهروب من الوطنية نحو المكوناتية اذ لا ملاذ له في الاولى.
أصبحت المكوناتية وسطوتها والسهر على قوتها شعار المفلسين وملاذ الخائبين، الذين تمسكوا به حتى تحول الى قاعدة متعارف عليها ومتفق بشـأنها، فأصبح التوافق والتحاصص عرفا سياسيا وصل به الامر الى حد أنه أصبح أقوى من الدستور 
والقانون.
قاعدة التوافق او التحاصص اكتسبت علويتها من تبني سدنة التفرقة والتشرذم لها،  اذ هم من دون برنامج للاصلاح او التغيير، ولا يجدون ما يرفعونه من شعارات سوى دفاعهم عن ديمومة البيوتات الاثنية، التي أكلت الكثير من جرف البيت الوطني
الواحد.
فالنظام المحاصصاتي يزيد الهوة بين الجماعات الاجتماعية، اذ هو بدلا من ربط هذه الفئات بالوطن والدولة والمصلحة الوطنية ومصلحتها الحقيقية، فهو يربطها بمصالح فئوية ضيقة تتضرر هي ويتضرر الوطن.
فأصبح التحاصص يزيد من تخندقها وتماسكها على حساب الكل الوطني ووحدة النسيج الاجتماعي داخل الدولة والمجتمع.
 يستطيع المراقب لمجريات الحراك السياسي في العراق رصد حالة التخندق الطائفي والعرقي التي زاد تماسكها نتيجة مبدأ التوافق، وما قابله من ضعف وهشاشة في الجانب الوطني والوحدة الوطنية. 
وهو ما يشكل انكسارات خطيرة في الهوية الوطنية بوصفه ثقافة سياسية مريضة تعبّر عن احتضار الديمقراطية.
ويتفق الباحثون على أن هذا المبدأ يزيد تماسك المكونات الاثنية على حساب وحدة الصف الوطني، فكلما تألق اشعاع الايقونات الفئوية خفت ضوء الرموز الوطنية.