المسؤولية معيار أهم

آراء 2022/02/05
...

 حسين الذكر
 
صحيح أن الواقع العراقي مريرٌ، وأن نسب التشاؤم بلغت تصاعدا غير مسبوق، وصحيح أن الملفات الداخلية محكومة بأجندات خارجية شئنا ام أبينا، وأن الناس أصبحت تترحم على ماضٍ بالرغم من كل قساوته ومراراته، وصحيح أن الجسد العراقي متصدعٌ بقواه المتعددة وملفاته الشائكة، وغير ذلك الكثير مما يشيب له رأس الوليد ويحبس دفق الدم عن شريانه، الا أن للحقيقة والأمل والامكانات وجها اخر، ينبغي ألا يموت مهما كانت التحديات والمصاعب والظروف.
فالحياة عبارة عن دوام الحركة وعدم الثبات، والاستسلام والرضوخ فيها يعدان من الجهل المميت، حتى قيل: (لا يئس مع الحياة)، (وما اضيق العيش لو لا فسحة الامل)، نعم أنه الأمل الخلاق، الأمل المسؤول الأمل الواعي، الذي ينبغي أن يسود بضمير أساسه حي نقي وطني انساني مؤمن بالاخلاقيات متجاوز للانانيات بكل اشكالها المريضة. 
العراق اليوم يمر بمخاض تشكيل حكومة مهما كان شكلها واسمها يجب ان تتحلى بصفة المسؤولية لتحمل المرحلة القادمة بكل ما يحيط بها وبملفاتها الشائكة، فالناس لم تعد تصبر ولا يمكن التبرير تحت اي عنوان كان، وهذه المسؤولية سوف تاخذ على عاتقها الاصلاح الحقيقي، الذي لا يمكن ان يقبل به الا من خلال التقييم على ارض الواقع وليس بشعارات نخرة لا قيمة لها، وثبت فسادها خلال عشرين سنة 
خلت.
اليوم تشكيل الحكومة يجب أن يبنى باستقلالية على قدر كافٍ لتحمل المسؤولية، وأن يكون التخصص والنزاهة والوطنية هو الاساس الوحيد لتولي تلك المناصب من اجل النهوض بمسؤولياتها المعقدة الصعبة، ما يجعل عمليات الاختيار ليست معقدة ولكنها تحتاج الى معايير تعيين حقيقية بعيدا عن آليات خلت، إن الانتماء الحزبي والكتلوي يجب أن يكون من خلال قبة البرلمان ولأغراض الرقابة الصارمة والحساب الشديد من اجل البناء والاصلاح، اما التعيينات الحكومية فينبغي ان تكون من خلال شعار الرجل المناسب في المكان المناسب حصرا، والا لاقيمة لأي كلام وشعار ووعد 
قادم.
إنَّ أهم صفات الحكومة المقبلة هي التحلي بقدرة تحمل المسؤولية، وان تكون تسمياتها مستقلة قدر الامكان حتى تمتلك روح المضي في ما سميت من اجله، وتسعى لتحقيقه، وليس مجرد انتهاء اربع سنوات وانتظار أربع أخرى انتخابية حزبية، لم يعد لها شرف واثر عند عامة الشعب ومتطلباته، فملفات الخدمات ضاغط بقوة لا صبر عليها، كما أن حاجة الناس بلغت مراحل الانفجار بعد عقود الانتظار، اما المؤسسات فتحتاج الى هيكلة وإعادة تأسيس على أسس ومفاهيم تتماشى مع روح العصر، وتهدف الى رقي المجتمع وخدمة الامة قبل خدمة أي حزب او فرد او جهة على حساب الشعب.