الأسرة العراقيَّة.. من مملكة الرجال الى مملكة النساء

آراء 2022/02/05
...

 د ثناء محمد صالح 
 
الأسرة بقبضة النساء ام ماذا؟ والعنوان اقترن بالوطن لكن بداية المقال تتعامل بنسبية مع الوطن. فالمنعطفات التاريخية ما بعد التحديث العراقي تشهد عصرا عولمياً طرق ابواب البيت العراقي دون استئذان، تآنسنا معه شعورا من الجمع الشعبوي والنخبوي، إنه وجد ضالته وحلمه الأبدي وعثوره على فردوسه المفقود، لأن «الحرية» مفتوحة الابواب وعلى مصراعيها مفتاحه المفقود حتى اللحظة التاريخية النيسانية لللالفية الثالثة، أحد مآلات تلك المنعطفات التاريخية تمدد فواعل الاسرة بين الأوطان الاب شرقاً والام غربا، والابناء بين هذا وذاك والأعم الاغلب لا بين هذا ولا بين ذاك، فازدواجية الجنسية والدراسة في الخارج حيدت وازاحت جانباً احادية التجنس مثلما الانتماء الآصري ذو البعد الواحد/ اب - أم – ابناء تحت سقف واحد/.
اعتبر عصر «النهضة»ولودا تنويريا لحقبة التحديث واعتبر عصر «المعلوماتية»ولودا تنويريا لحقبة ما بعد بعد التحديث «الحقبة العولمية». 
اعتبرت المعرفة الغربية فاعلا تنمويا غذى طرفي المعادلة «النهضة» و»المعلوماتية»، وكما يؤشر أحدهم الى نموذجين اختزاليين رئيسين، صاغا خلال القرن التاسع عشر انماط التفكير بالغرب، تبعا للمشارب المختلفة التي اصطنعتها المعرفة الموسوعية الالمانية. جعلت من الثقافة والشعب واللغة او العرق «جوهرا»، اما الثاني فرنسي كوني الشعور يعتبر الانسان وهب جوهرا وحيدا فريدا، يتجاوز اختلافات العرق واللغة والدين او الثقافة.
ونموذجان اختزاليان رئيسان صاغا خلال القرن التاسع عشر أنماط التفكير بالشرق، وذلك تبعا للمشارب المختلفة التي اصطنعتها المعرفة «المصرية»، جاعلة من الاسلام في امتداده الاصولي جوهرا اساسيا. ومن جهة اخرى الممارسة السياسية لليبرالي الذي يسعى الى استعادة الجذور العقلانية للفكر الاسلامي في عصره الذهبي خلال القرنين التاسع والعاشر، ويستحضر الجذور الثقافية لحركة النهضة العربية والتي بدات مع حملة نابليون على مصر واستمرت خلال القرن العشرين، مغذية مقاومة الاستعمار (وقد اقتصرت صورة الاسلام في الغرب على صورة الحجاب والسيف والعمامة والجهاد الاسلامي ولحى المشايخ)، ولكن بالحفاظ على التواصل الفكري مع فلسفة الانوار.
وفي الوقت الذي احتكم فيه الغرب الى ثنائية المتبوع والتابع احتكم الشرق الى ثنائية المتطرف والمستغرب شرقاً القصور المعرفي عقائديا دينيا وسياسيا، حال دون كشف المسكوت عنه نمطا فكريا.
ما لم تؤشره الدراسات الى ذلك المسكوت الذي تسبب في تغييب مركز وسلطة المرأة، وقد شكل جانبا بحثيا غفله الشرق، أثار حفيظة واهتمام المستشرقة الغربية نبيهة عبود في كتابها (ملكتا بغداد)، الذي أرَّخ لشخصيتين لمعتا في مطلع العصر العباسي هي الخيزران زوجة المهدي وام الهادي والرشيد، وزبيدة زوجة الرشيد وأم الامين، وهما امرأتان ارتبط اسمهما بأشهر اسم عرفه الغرب الا وهو هارون الرشيد بطل قصص الف ليلة وليلة، ذلك إن الفترة التي عاشتاها كلتيهما امتدت على عهد خمسة خلفاء، وبالتالي أن اثرهما سيكون مباشراً على مجرى الاحداث، اذ جاء هذا الكتاب ليقدم نموذجا للدور السياسي الفعال، الذي لعبته الشرقية، متمثلة بشخص كل من الخيزران زوجة المهدي وزبيدة زوجة الرشيد وام الامين،ودورهما في صناعة احداث كانت ذات اثر مهم داخل البلاط العباسي، قد تكون اسمى اهداف السسيولوجيا هي مساءلة الفكر والواقع والتساؤل، افتراضا أن الخيزران وزبيدة انموذجين مثاليين للنسوية في العصر العباسي. هل من انموذج مثالي لنسوية الحقبة العثمانية والحديثة والمعاصرة؟، إزاء ما تشهده المرأة اليوم من علو مكانة ومصدر قرار أسري هي القطب الاول والفاعل الاساس فيه، وهل الانسحاب ممن ترشحت لرئاسة العراق (في انتخابات 2021)، نظرا لتعرضها الى تهديدات ظاهرة ستعاود الظهور في انتخابات الدورة الرئاسية القادمة، بالأمس اقترن اللون البنفسجي بأباطرة وملوك الرومان واوروبا، وحرم منه الشعب، وحكاواتياً يقال إن البنفسجي تمَّ اكتشافه في 1400 ق. م، بعد أن كان يسير أحد الأمراء على الشاطئ، ثم لاحظ كلبه يعض في شيء على الشاطئ، ثم وجد فم الكلب مصبوغا بلون غريب أعجبه، فطلبت منه زوجته ان يصنع لها رداء من هذا اللون، فأمر اتباعه بجمع الكائنات من على الشاطئ، وأمر باستخراج الصبغة منها، اذا ماعلمنا أن زبيدة كان لها الدور الكبير في تطور الأزياء النسائية في العصر العباسي، فهل ستتمدد الزعامة النسوية وتقترن برمزيات احتكرت من قبل الرجل الشرقي، العراقي، العربي، الاسلامي، حصرا، وهل خيزران اليمن ستعاود الظهور ام انها ظاهرة ومتمددة، الا ان الارتكاس العقائدي دينيا وسياسيا يسعى الى تغييبها ويحول دون تنميطها فكريا، أم ماذا؟. 
وبقفزة معرفية تتخلها اجابة نسوية حول المرأة وحقوقيتها الاجتماعية والقانونية، سيتساوى النحن والآخر وهو يجيب على سؤال تفرزه تلك المنعطفات التاريخية الاجتماعية، ليس الانسان هو فقط أصبح ذا البعد الواحد، فالعالم ايضا ذو بعد واحد، تقدمت اسئلة الغرب على اسئلة الشرق، والسؤال مفاده هل سيسود العالم السلام اذا حكمته نساء؟. للاجابة على هذا السؤال غربا تجسدت ثنائية الحرب والسلام مع: مارغريت تاتشر، رئيسة الوزراء البريطانية التي شنت حربا شعبية كبيرة في جزر فوكلاند، وهو ما أدى إلى فوزها الساحق في الانتخابات عام 1983، في عام 2003، قادت ناشطة السلام الليبيرية ليما غبوي تحالفا من آلاف النساء المسلمات والمسيحيات للإضراب والصلاة والصيام، وساعد هذا التحالف على إنهاء الحرب الأهلية الوحشية التي دامت 14 عاما في البلاد.
والسؤال يبقى عالقاً مع الشرق فالحاجة للكشف عما هو مسكوت عنه أضحت ملحة، ايمانا منا ان السسيولوجيا هي علم للكشف عن المسكوت عنه، من تمثل أنموذجنا المثالي لثنائية الحرب والسلام،. لعل تمدد دراسات السلام سيطولها نصيب تلك 
الاجابة.