ضرورة الحكم الرشيد

آراء 2022/02/05
...

 عباس الصباغ
 
بحسب المفهوم المتداول للحكم الرشيد أن العراق وعلى طول تاريخه لم يتمتع بمزايا هذا الحكم، لا سيما خلال دولته المعاصرة بجميع عهودها، وهو الذي يخوض حاليا غمار تداعيات تشكيل حكومته المنتخبة التي انبثقت عن الانتخابات بنسختها الخامسة،  وكان من نتائج  هذا الحرمان عدم الاستقرار في جميع مناحي الحياة، ما أدى الى شيوع التوترات السياسية والانقلابات الدموية، بدءا من مجزرة قصر الرحاب وكل انقلاب يأتي بأجندة جديدة تنفي القديمة، ومن جملة هذه التغييرات  الحكومات التي تشكلت بعد التغيير النيساني وفق السياقات الديمقراطية الشفافة وحتى 
الآن.
لم يعد سرا القول إن النموذج التحاصصي/ التشاركي/ التوافقي الذي تمأسست عليه العملية السياسية الجارية، لم يكن بالوصفة النموذجية للمشهد العراقي، الذي خرج من أعتى ديكتاتورية شمولية بوليسية، فعلى أنقاضها قامت ديمقراطية مفاجئة وغير مدروسة، أدت الى الكثير من الاستعصاءات والانسدادات، وكلا الحاتين أسوأ من الأخرى، الأولى تعني اللادولة التي ابتلعها الحزب الواحد والقائد الأوحد، والحالة الثانية هي حالة الدولة العميقة،  والنموذج الدولتي الخاطئ فلم تتح بذلك الفرصة للعراق بأن يلتقط أنفاسه ويتهيأ للدخول في مصاف الدول الناجحة، التي تتمتع بالحكم الرشيد، بعد أن استمر الإحباط  والنكوص لعقود طوال ولكن :ما زال الطريق طويلا للوصول الى مشارف الحكم الرشيد، لكنه ليس صعب المنال، فالعديد من الدول  شهدت الكثير من المصائب والمصاعب اكثر مما عاناه العراق، لكنها وصلت الى الحد الذي أهّلها للوصول الى مشارف الحكم الرشيد ليس بحدوث معجزة ما، ولكن بتضافر الأسباب الذاتية والموضوعية شعبا وحكومة بهذا الاتجاه، وفي سبيل تحقيق هذا الحلم في العراق يستوجب تحقيق عدة شرائط منها: إعادة تأسيس العملية السياسية وفق مواصفات وطنية صرفة وتنقيتها من ادران التحاصص والتوافق واعادة تأسيس العملية السياسية على اشتراط الهوية الوطنية الجامعة بالابتعاد عن جميع الهويات الثانوية، مع ضمان حقوق المكونات الفرعية وضمان حقوق الجميع بلا استثناء، وتشكيل عملية سياسية تقوم على مبدأ التوافق وحرية التعبير، واحترام الرأي الآخر وتحرير الاقتصاد الوطني من الريعية، مع تنويع مصادر الريع في تمويل الموارد المالية، ناهيك عن فتح باب الاستثمار على جميع مصراعيه، اضافة الى  الفصل التام بين السلطات الثلاث مع حيادية القضاء، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب، مع وضع اليد على السلاح المنفلت  ونزع المظاهر المسلحة من الشارع العراقي.. الخ مع تهيئة الظروف السياسية وما يرتبط بها من عوامل اجتماعية واقتصادية وبشرية واجتماعية واحترام سيادة العراق واستقلاله، فضلا عن قناعة أصحاب القرار السياسي/ الاقتصادي، بضرورة إرساء الحكم الرشيد والخروج من عنق الزجاجة بأقل الخسائر لا سيما لبلد مثل العراق  .