أزمة أوكرانيا وعسكرة السياسة

الرياضة 2022/02/08
...

علي حسن الفواز
 
مناوراتٌ عسكريةٌ، وحشودٌ كبيرة قرب الحدود بين  روسيا وأوكرانيا، مشهدٌ يتضخمُ مع تضخمِ الخطاب السياسي، ومع التهويل الإعلامي الذي يفتح الاحتمالات على حرب مقبلة.
ما بين الحرب واللاحرب، ثمة مَنْ يريد استثمار العسكرة لصالح السياسة، وتوريط أوروبا بصراعات يختلط فيها البارد والساخن، وتفقد عندها الدبلوماسية حكمة البحث عن عالم متوازن، وعن علاقات دولية تدفعها المصالح، وليس أوهام القوة  .
يقول سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي: إننا نراقب التحشيد العسكري الروسي، وأن غزو أوكرانيا سيجعل الروس يعيشون عقوبات لا مثيل لها. بالمقابل يقول الرئيس الروسي بوتين: إن الغرب وأميركا لا يراعون حساسية ما يتمخض عنه تمدد حلف الناتو إلى الحدود الروسية، وضرر ذلك على مصالحها. لكن أخطر مافي هذه التصريحات هو التهديد الأميركي بأن العقوبات ضد روسيا ستشمل الصين، وهو ما يعني وضع العالم أمام رهانات قد تُزيد من لعبة الحرائق، وقد يفتح الصينيون معها جبهة تايوان، وحتى التفكير بغزوها.
الخيار الأوكراني يخشى من تغويل الخيار الأميركي، فالحشود العسكرية أسهمت بتهديد الاقتصاد الأوكراني، وستفرض الحرب واقعا أشدّ تعقيدا ورعبا، وهو ما دعا إليه ميخايلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني بأنّ"  فرص إيجاد حل دبلوماسي لخفض التصعيد أكبر بكثير من التهديد بتصعيد جديد" لكن ذلك يبدو بعيدا عن ترجيحات الولايات المتحدة، فهي تميل إلى تضخيم العسكرة، وتحويل النوايا الروسية بغزو أوكرانيا الى مزاج أوروبي عام، على مستوى التصريحات والتهديدات، أو على مستوى الحشود، وعلى نحوٍ يجعل الحرب قائمة، وأنّ روسيا ستذهب إليها لفرض سياسة السيطرة مجددا على بعض جمهوريات السوفيت السابقة.
الرواية الروسية تكشف عن وجهة نظر أخرى، وعن توجهات تضع عسكرة الغرب لحدودها بمثابة تهديد لأمنها القومي، والعمل على فرض حصار اقتصادي وسياسي، يمنعها من الوصول إلى المياه الدافئة. وطبعا هذه الرواية تدفع باتجاه عسكرة مضادة، وحشود متقابلة، وهو ما يدعو إلى البحث بحذرٍ عما تحت الطاولة من حلول يقتنع بها الطرفان، وتُرجّح خيار الدبلوماسية على إشعال حرب الكبار.