أهي مدينة المطاعم أم عاصمة العواصم؟

آراء 2022/02/13
...

 حسين الصدر
 
- 1 - 
جاء في مقالة قرأتُها أخيراً أنّ عدد المطاعم في مدينة (بغداد) يتراوح بين الخمسة آلاف والسبعة آلاف، وهذا العدد الكبير من المطاعم يؤهلها ان تكون مدينة المطاعم!
- 2 - 
واذا كانت مدينة للمطاعم فعلاً فهذا يدل على أن هناك الآلاف المؤلفة من رواد هذه المطاعم ممن يبحثون عن تناول أشهى وجبات الطعام إشباعا لنهمهم في الأكل، وهذا المؤشر واضح الدلالة على تقديم متطلبات المعدة على متطلبات العقل المؤهلة الى ازدهار الحركة العلمية والفكرية، وتواصل حلقات الابداع والعطاء في شتى الميادين.
- 3 - 
إنّ بغداد لا يليق بها الاّ ان تكون (عاصمةَ العواصم) لما تملك مِنْ إرث حضاري، وتاريخ مجيد، مطرز بالروائع والبدائع، والتي تبوأت معها صدارة العالم بأسره.
- 4 - 
والمحزن للغاية أنَّ التدهور الراهن لم يقتصر على انخفاض المنسوب الأدبي والثقافي والمعرفي فحسب، بل انخفض المنسوب في القطاعات الزراعية والصناعية والانتاجية أيضا.
فنحن نستورد الآن الألبان والأجبان، وليس المعدات الالكترونية المتطورة، في منحى بائس شديد الوضوح على التخلف والتراجع والبعد عن الاكتفاء الذاتي! 
- 5 - 
وحتى المجالس الثقافية التي كانت تنعقد على مدار الاسبوع في بغداد أصابتها الجائحة بالشلل، ولم تعد تواصل انعقادها بسبب الظروف الخاصة التي ولدتها الجائحة.
- 6 - 
واذا كان من الصحيح أنَّ شارع المتنبي ببغداد - وهو شارع الثقافة والمعرفة - قد امتدت اليه يد التزويق، فانّ مِنَ الصحيح ايضاً.
إنّ الإقبال على الكتب شراءً وقراءة قد ضعف الى حد بعيد، بحيث لا يمكن أنْ يقاس بما كان عليه الحال في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.
- 7 - 
وأفظع الفظائع أنَّ الشيء الوحيد الذي واصل نموه وتغلغله في معظم الدوائر والدواوين، هو الفساد بفصوله الرهيبة الغريبة التي قد لا تُصدّق أحيانا.
- 8 - 
أما عن الاختناقات المروية فحدّث ولا حرج ولا تسْل عن ضياع الوقت والعناء، الذي يكابده سكّان العاصمة والوافدون اليها وهم ينتقلون من جانب الى آخر ومن مكان الى 
مكان.
- 9 - 
ومما يملأ القلب غُصصاً وأحزاناً أنّ بعض حاملي الشهادات الجامعية اضطروا الى ممارسة أعمال كانت مختصة بالأميين، دون غيرهم كما هو الحال في اعمال البناء مثلا.
- 10 - 
وتتيح كثرة المطاعم في بغداد العمل لكثير من حملة الشهادات العليا - الذين حيل بينهم وبين الخدمة العامة في دوائر الدولة - للقيام بدور خدمة الزبائن في المطاعم!
وهذا ما لم يكن يخطر على البال!.
- 11 - 
وهكذا تتعدد المشاهد والصور عما تكابده العاصمة وسكانها من العناء، أما المؤتمرات التي تنعقد في بغداد وهي تضم العديد من الدول فانها لن تمسح الدموع التي تترقق في مآقي الفقراء والجياع فهؤلاء لا تسمِنُهُم تلك المؤتمرات ولا تغنيهم من جوع..
اننا لا ننفي أهمية استعادة العراق لدوره المركزي بين الدول ولكنْ ذلك يجب أنْ يكون متناغماً مع متطلبات العيش الكريم للمواطنين العراقيين، الذين يقع الملايين منهم تحت خط الفقر .