فوضى التدريب

الرياضة 2022/02/15
...

خالد جاسم
تسرَّبت إلى نفوس معظم مدربينا في كرة القدم سواء الشباب منهم أو المخضرمون، أصحاب الأسماء اللامعة أو المغمورة في المهنة الأصعب رياضياً وكروياً العديد من المفاهيم والأفكار التي لا تعكس ثقافة متحضرة في الرياضة كما لا تنتمي إلى أي أساس علمي أو موضوعي في دنيا التدريب.. وهذه المفاهيم كثيراً ما ترتكز على الغيبيات أو تدخل في باب البدع والأحاجي التي غالباً ما يرفضها المنطق ويلفظها العلم الصحيح ومنها رمي كرة الإخفاق أو الفشل في التدريب في ملعب الحظ وتحديداً الجانب المحزن أو الأسود فيه وهو السوء أي بمعنى تعليق الفشل الفني على شماعة سوء الحظ.. وفي هذا الجانب كثيراً ما نسمع ونقرأ ونشاهد مدربين يفترض أنهم ضالعون في المهنة ولديهم خزين ثرّ من الخبرة والاحترافية في التدريب وقد وضعوا كامل تبريرات عدم توفيقهم مع المنتخبات أو الفرق التي يتولون تدريبها في سلة سوء الحظ مع أنَّ هناك فارقاً كبيراً بالطبع بين عدم التوفيق وسوء الحظ لأنَّ عدم التوفيق يعني وبمنتهى البساطة سوء تصرف أو تدبير في الميدان عبر استغلال فرصة ما أو بضع فرص لهزّ شباك الخصوم وإحراز الأهداف ومن ثم اقتناص الفوز في الوقت الذي يعكس فيه مفهوم سوء الحظ أنَّ هذا الصنف من المدربين قد وضع قدره وقدر فريقه تحت مطرقة حالة وهمية لا تنسجم مع العلم والمنطق الصحيح في عالم التدريب. واللافت هنا في هذه المسألة التي أضحت أشبه بالموضة التي تتجدَّد باستمرار مع منتخباتنا وفرقنا الكروية أنَّ هذا الصنف من المدربين يناقض نفسه كثيراً من دون أن يشعر عندما يلجأ إلى استخدام موضة سوء الحظ كبديل مفضل في تبرير فشله التدريبي .
أتعجب حال بعض مدربي الكرة لدينا من الذين يعملون مع فرق الدوري الممتاز، فبعض هؤلاء قد اتخذ من التدريب وسيلة سهلة بمتناول اليد للارتزاق ضارباً عرض الحائط موضوعة السمعة واحترام الذات خصوصاً إذا كان أحد هؤلاء من ممتهني التدريب له اسم كروي معروف وليس صيتاً تدريبياً بارزاً، وإلا كيف يرتضي مدرب ما لم يجف حبر أحرف توقيع استقالته من النادي (س) بعد فتراه قد ركض للتعاقد مع النادي (ص) مع أنه مع النادي الأول فشل بامتياز ويدرك تماماً أنَّ فريق النادي الثاني يمر في أسوأ حالاته وجمهوره ناقم عليه وعلى إدارة النادي بسبب الانحدار المتواصل في الأداء والنتائج . والواقع أنَّ الذنب والمسؤولية هنا لا يتحملها هذا النوع من المدربين وحدهم بل تتحملها إدارات الكثير من الأندية عبر إهمالها المدرب الجيد وعدم الاستعانة بقدرته وخبرته التدريبية من خلال إصرارها الغريب والعجيب على إسناد مهام قيادة فرقها الكروية إلى أشباه المدربين الذين تكاثروا كالطحالب في واقعنا الكروي وصار بعضهم نجماً في الفضائيات والمواقع الرياضية مع أنه لا يمتلك مواصفات المدرب الحقيقي كما يفتقر إلى الخلفية الصحيحة والى الثقافة التدريبية لكن هذا النوع من الذين حسب أصحابه على جنس التدريب صدفة أو بفعل عوامل أخرى منها تخلف وجهل الإدارات في الأندية يجيدون الوصولية بمهارة فائقة وقادرون على تسويق أنفسهم وتجديد حضورهم مع فرق الدوري.