خارج مقاعد المنافسة

آراء 2022/02/15
...

  عصام كاظم جري 
 
إن كرة القدم لعبة شعبيّة وجماهيريّة ساحرة للنخب السياسيّة والدينيّة والاجتماعية، فضلا عن روؤساء الدول والملوك والوزراء والمفكرين والمشاهير ولغير النخب من الناس عامة، وقال أحدُ مَرَاجع المسلمين: (أنا لست رياضيّا ولكني أحب الرياضة والرياضيّين). 
بالتأكيد لم يأت هذا القول اعتباطا من زعيم دينيّ، ولم يكن قولا عابرا، بل يعد موقفا له معانٍ ودلالات رياضيّة ووطنية وسياسيّة وتشجيعيّة، لتحقيق ما كان يأمله لبلده من خلال المنتخب الرياضيّ. 
وقال الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر: (في كرة القدم كل شيء معقد ما دام هناك خصم)، إذاً شعبيّة كرة القدم وجماهيريّتها الشّاسعة لا تقف عند حدود فئة من النّاس، بل جماهيريّتها عند الرجالِ والنساءِ والأطفالِ والشّيوخ وغيرهم، وسحر كرة القدم في جمهورها، حتى قال أحدُ المشاهير: (عندما أذهب للمؤتمر الصحفيّ قبل المباراة أعرف أن المباراة 
قد بدأتْ). 
إن جملة: (المُنتخب الوطنيّ) لها دلالة وطنيّة، بمعنى جرى انتخاب هذا اللاعب أو ذاك من بين أفضل مجموعة من اللاعبين المرشحين لتمثيل البلد في مجموعة منتخبة يطلق عليها (الفريق). 
ولكن للأسف في السنوات الأخيرة بدأتْ نتائجُ المنتخب الوطنيّ العراقيّ لكرة القدم تتراجع وتكشف عن صور الخراب للمنظومة المؤسساتيّة برمتها، وذلك من خلال مبارياته التي خاضها سواء أكانتْ دوليّة أم وديّة، وكلُّ نتائج هذه المباريات جعلتْ من العراق خارجَ قائمة المنافسة عربيّا وعالميّا على حد سواء، وبالتالي ابتعد الفريق والجمهور الرياضيّ لفترة طويلة عن نشوة الفرح بالفوز والتي كان يعيشها سابقا بأريحية تامة. 
والمفاجأة اللافتة أن الرياضة تتراجع للوراء في بلد وصلت ميزانيته أكثر من (100) مليار دولار سنويّا، ولا يخفى على أحد أن هذه الخيبة الكرويّة صنو التراخي في بقية المؤسسات الثقافيّة والتعليميّة والصحيّة والأمنيّة والزراعيّة والتجاريّة والصناعيّة.. ألخ، وكل هذه المؤسسات ما هي إلا عبارة عن عناوين من ورق أمام رصانة وحصافة البنى التحتية للبلدان المجاورة والبعيدة. 
وبلا أدنى شك نحن مع القول الشائع {من لم يفشل لن ينجح}.
ولكن الفشل المزمن غير هذا تماما لأنه عاهة في 
الجسد. 
وللوقوف من أجل حلحلة هذا التراخي والإفلاس، نحن لسنا بحاجة إلى لجنة عليا أو لجان تحقيقية، لسنا بحاجة إلى لجنة مكوّنة من بروفيسور رياضيّا قادما من أوروبا أو من غيرها حاملا شهادة مزورة، ولسنا بانتظار سياسيّ نفعي لعلاج هذا الداء ينطلق من مبدأ (خذهم حيث يريدون وانتهي بهم حيث تريد). 
كل تلك اللجان الأنيقة تأخذنا للأوهام وتعود بنا للباب المغلق.
لسنا بانتظار أي لجنة للوقوف على خيبات كرة القدم المتكررة، بل نحن بحاجة إلى ضمير نقي يضع يده على أسباب الفشل ويقف عليها لاجتثاث المفاسد والمقاصد السيئة التي كشفتها مساحة مستطيل المنافسة. 
نحن بحاجة إلى روح وطنيّة وتحفيزيّة تصل بنا إلى نتائج تليق باسم العراق هذا هو خيارنا الوحيد.