فكرة المواطنة العراقيَّة

آراء 2022/02/15
...

  حيدر الجابر
 
فكرة المواطنة فكرة قديمة، وأول من أبدعها ورسخها هم الرومان، إذ كان المواطن الروماني يتمتع بمميزات تجعله من الطبقة الاولى التي تتحكم بالامبراطورية التي كانت تسيطر على حوض البحر المتوسط.
وأحد ابرز المواطنين الرومان هو بولس الرسول، الذي حسده أحد الضباط الذي أراد إلقاء القبض عليه، وقال للمسيحي المتشدد {لقد بذلت مالاً عظيماً حتى احصل 
عليها}.
وقد حاول عدد من الأباطرة والقناصل منح المواطنة للقبائل البربرية اتقاء لشرها، وللمدن الايطالية لكسب ودها، ولأقاليم اسبانيا وفرنسا لضمان ولائها.
ومنذ سقوط الامبراطورية الرومانية الذي آذن بانتهاء العصور القديمة، اختفت فكرة المواطنة للوطن، لتحل محلها فكرة الولاء للدين 
والملك. 
وفي العالم الإسلامي يشيد الكتاب الغربيون بأن المسلم يستطيع التجول في مملكة الاسلام الممتدة من اواسط اسيا وحتى المحيط الاطلسي بلا عوائق سياسية او مالية، وانه مرحب به في كل زمان ومكان.
ويرى بعض المختصين أن فكرة المواطنة الحديثة بدأت منذ ان قادت (جان دارك) الفرنسيين ضد الاحتلال الفرنسي اواسط القرن الرابع عشر، ففي هذا الوقت بدأت الكيانات الأوروبية تشعر بذاتها، وسعت الملكيات الاوربية الى تركيز سلطتها وتمييز املاكها. بينما في الشرق، استمر الولاء للدين الاسلامي هو المعيار في التعامل والحصول على الحقوق.
واخيراً، انتصرت الرؤية الغربية وتكرست فكرة المواطنة اكثر، وهي الفكرة القائمة على الخصوصية داخلياً والتعاطف مع الاخر خارجياً، وكانت الجنسية ـ حقوق المواطنة ـ تمنح على وفق شروط صعبة أو سهلة، أبرزها في الشأن العراقي هو التبعية العثمانية.
وبالانتقال الى الوقت الحاضر، فان العراقيين يدينون بالولاء لوطنهم، وإن غازلت مشاعرهم دول الجوار، او دافعوا عن سياساتها المتعارضة مع الشأن العراقي.
وقناعتي هذه تعود الى أن رؤية كل عراقي تختلف عن الاخر في معيار الاهمية والمصلحة، والصداقة والعداوة، وشخصية الدولة 
العراقية.
يحصل التضارب كثيراً في العناوين والتفاصيل، ويسعى كل طرف من الاطراف الكثيرة الى ترسيخ رؤيته المميزة، ولا يمل كل طرف من تكرار مسوغاته. وهذا التضارب يدفع الى تعقيد المشهد العام، وابراز الخصومة بين المتحاورين، وهو ما لا ينتهي نهاية نافعة.
وبرأيي، فان العراقي العادي، حين تستنهض ما بداخله ستظهر المواطنة عل اتم وجه، وان كانت باشكال مغايرة، غير متفق عليها.