فواصل فشلنا

الرياضة 2022/02/16
...

علي حنون
 
في كُل مناحي الحياة ويقينا الرياضة منها، الناجح هو من يَعتبر من التجارب، وأولى خطوات التوفيق للفرد أو المنظومة، هي الوقوف على تفاصيل التعثر والاجتهاد من أجل القفز عليها عبر الإتيان بحلول تكون بمثابة العلاج الشافي، وهذه ليست من الأسرار العظيمة، وإنما هي من أبجديات العمل، التي السواد الأعظم من وجوهنا الإدارية وبقية توصيفات العاملين في الرياضة عموما وكرة القدم تحديدا، أما يجهلونها وهي طامة، أو يَعُونها لكنهم لا يرغبون أو غير قادرين على التعاطي معها بإيجابية وعندها تكون الطامة الكبرى..ومن نافلة تلك الأمور أن تكون هناك رؤية للمعني أو للمنظومة تُستقرأ فيها التفاصيل قبل الشروع بأية خطوة سواء كانت إصلاحية أو خطوة لتعزيز وتعضيد النجاح، وعلى أساس عملية الإحاطة بفواصل الحدث يكون اختيار الوقت المُناسب للسير فيها واتخاذ القرار المُناسب.
جئنا على ما تقدم لأننا إزاء حالة من الفوضى، التي تأخذنا من فشل إلى آخر نتيجة عدم القدرة أو الرغبة في اختيار الوقت المناسب للتغيير، وهذا الأمر ينطبق على الاتحاد وعلى إدارات الأندية، ولعل صور هذا الخلل بالنسبة للاتحاد لا تحتاج إلى براهين، ولكن وللإنصاف فإن مسؤوليتها لا تتعلق بإدارة المنظومة فقط، وإنما تتحمل أجزاء منها الجهات التي تشترك بصورة وبأخرى في بلورة القرار الاتحادي، وهذا الأمر يسري على الأندية في اختيار الوقت غير المناسب لتغيير المدرب ورضوخها إلى ضغوطات الأطراف الأخرى، وقراراتها في بعض الأحيان ليست نابعة من رؤية مُستقلة، وهذا يعطينا صورة ثلاثية الدليل على أنها غير مُؤهلة لتولي زمام الأمور، نظير عدم اتزانها وعدم استقلاليتها وعدم قدرتها على اتخاذ القرار المناسب، بمعزل على تأثير المُحيطين. ومرورا على قرارات إدارات عينة من أندية الدوري الممتاز في الإطاحة بوجوه تدريبية واختيار بدلاء، نراها غالبا لا تأتي اعتمادا على التقييم المُستقل، وإنما استجابة لإرادات خارجية تنتظر الفرصة وتعمل اعتمادا على خلقها لـ(كارتل) ضغط على الإدارات (الهشة) في وسائل ومنصات التواصل الاجتماعي للإيحاء بوجود رأي عام حقيقي من أجل تغيير الكادر التدريبي بعذر واه، هو مصلحة الفريق، وأن الوقت حان للتصحيح، بينما تقف خلف تلك الغايات عمليات استفادة مالية بعدما يكون قرار (السماسرة) تحصن بشفاعة ورغبة جماهيرية هي في الأصل افتراضية وغير موجودة..هذا هو الواقع وهذه هي الحقيقة لمن ينشد الوقوف عليها فقط، وإلا بماذا يُمكن تفسير سلوكيات خاطئة لإدارة غير قادرة على تحمل تبعات قرار تتبناه لتتخذ خطوة تأتيها بقرار أكثر سلبية؟!. مجمل الأمور في هذا الجانب تقودنا إلى نقطة غاية في الأهمية نلتقي جميعنا عندها، لكن جُلّنا لا يُريد الاعتراف بها لسبب أو آخر، وهي أن كثيرا الوجوه الإدارية غير مُؤهلة للتصدي للعمل القيادي سواء لجهلها أو عدم تخصصها أو لضعف شخصيتها أو بحثها عن أمور تتعلق بمصالح شخصية، ويقينا أننا ومنذ سنوات عجاف خلت شخصنا، وهنا أقصد النقاد والمتابعين، أن حجم المسؤولية في تعثر كرتنا تتحمل وزره شخصيات في المنظومة الإدارية، إلا أن الواقع العام الاجتماعي والاقتصادي وتداعياته، التي تتعلق بالعوامل الأخرى لا تسمح بتعبيد أرضية حقيقية للإصلاح، لذلك نرى الحال يسير بنا من سيئ إلى أسوأ. في كل أرجاء المعمورة، التي نُشير بالإعجاب لمنظومتهم الخاصة بكرة القدم، تعتمد في فاصل كبير من نجاحاتها على التميّز في الجانب الإداري القيادي، لأنهم يعتبرون الإدارة علما يُدرس ولا يبلغه سوى الكفاءة والعالم العارف والمُخطط الناجح، وليس نافذة يُمكن أن يطل من خلالها الشخص اعتمادا على العلاقات والمحسوبية وتكوين (الشللية) وفتح المنصات التواصلية، لذلك هم ينجحون ونحن نُواصل الفشل بامتياز.