الألقاب

الصفحة الاخيرة 2022/02/16
...

حسن العاني
أعتقد أنها الأوسع انتشاراً من الظواهر الأخرى، ولعلها أقدم ظاهرة عرفتها الشعوب، تلك هي (الألقاب) التي تلحق ببعض الحيوانات مثل (ملك الغابة) أو بعض النباتات أو المدن أو الجبال.. الخ، ولكن الإنسان هو من اختص بحملها، وقد بلغت من القوة بحيث طغت على الاسم وعوضت عنه، وفي أحيان كثيرة نست الناس الاسم الأصلي مع مرور الزمن، ولكنها تستذكر اللقب وتتداوله لكونه يفي بالغرض.
ويصعب تحديد السبب وراء إطلاق لقب ما لأنه على أنواع أكثر من أن يُحاط بها، فقد يأتي من القبيلة او العشيرة (عارف الساعدي، فاطمة الربيعي، بهجت الجبوري .. الخ) وقد يأتي من النسب الديني، وبالطبع فإن للبلد او المدينة أو المحلة نصيباً وافراً من الألقاب (سليم البصري، نزيهة الدليمي، علي الحلي، يوسف العاني، كريم العراقي، شاكر السماوي.. الخ)، وفي بعض الأحيان يعبر اللقب عن صفة جسدية، فالشاعر همام بن غالب – مالم تخذلني الذاكرة – تراجع اسمه وعلا لقبه (الفرزدق) – لأن وجهه كبير وعليه آثار الجدري- مثلما تراجع اسم الحسن بن هانئ، وتقدم لقبه (ابو نواس) – وذلك لخصلة شعر فوق جبينه – ومن الألقاب ما يعبر عن سلوك فالملك الضليل هو أمرؤ القيس والمرأة الحديدية هي رئيسة وزراء بريطانيا، "والاخطل الصغير" لقب أطلقه الشاعر اللبناني بشارة الخوري على نفسه تيمناً بالشاعر الاموي (الاخطل)، 
ومعروف أن نسبة لا يستهان بها من الألقاب تعود إلى المهن أو الحرف كالنجار والبقال والقبانجي والحداد والعطار والمدرس والمهندس والعالم.. الخ .
ويلاحظ أن معظم الشعراء العرب عرفوا بألقابهم، أياً كان نوع اللقب أو أصله، ومن ذلك على سبيل المثال (المتنبي،  الرصافي، الزهاوي، الجواهري، السياب، الملائكة،  البياتي ..الخ)، ولم يبتعد المطربون عن هذه القاعدة (أم كلثوم، موسيقار الأجيال، العندليب الأسمر، سفير الأغنية، القيصر.. الخ)، وتطول القائمة ويتشعب الحديث، ولكن ميدان الرياضة – كونه الميدان الجماهيري الأوسع عالمياً – شهد من الألقاب – سواء على مستوى الأفراد أم الأندية، ما لايمكن الإلمام بها، أو الإشارة إليها جميعاً (الجوهرة السوداء، الظاهرة، السفاح، البرغوث، الدون، السلطان، القديس، الجناح الطائر.. الخ) وكما هي الحال في العالم، لدينا كذلك في العراق ألقاب تخص الأندية، منها على سبيل المثال (الصقور، النوارس، الأنيق، القيثارة، السفانة.. الخ) و (أسود الرافدين) هو لقب المنتخب، وهكذا تبدو الألقاب وكأنها ظاهرة العصور، وقد طرقت هذه الظاهرة الأبواب جميعها، بما في ذلك أبواب السياسة على غرار (الحيتان الكبيرة) وهو لقب كبار الفاسدين، مع إنّ العراقيين ما زالوا ينتظرون ويأملون اصطياد حوتٍ كبير واحد.. 
ولو واحد!.